للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن نفتخر بها ونحن قد أضعناها. ولقد تذكرت أن أحد الأوربيين كان يذكر لأحد أفاضل المسلمين ما انتهت إليه أوربا من البسطة في العلم، والسعة في الملك، والاختراع في الفن ويباهي بذلك، فقال له المسلم لنا الفخر لأن هذا الرقي قد أخذتموه عن أساتذتكم العرب وهم آباؤنا. فأجابه الأوربي: لا حق لكم بهذا الفخر ونحن أحق به منكم لأنا أخذنا علوم سلفكم ونشرناها فكنا بعلمهم عاملين، أما أنتم فقد أضعتموها وكنتم لهم عاقين.

قال أبو اليسار: "وإن كنت ترى المدنية في الافتتان باللباس والتفنن بالطعام والشراب والإستكثار من الوظائف والمرتبات من أجل ذلك، فهذا أقبح ما سرى إلى صنف العلماء من الأمور الذميمة، وصدهم عن تخريج الطلاب في العلوم والأدب وتصنيف الكتب وإحياء العلوم. إلى أن قال وإن عند كثير من علمائنا الأغنياء من العلوم والمال ما يستطيعون أن يخدموا به كثيرا من الطلاب، فلو كانت هممهم متوجهة لإِحياء العلوم الشرعية والعربية لقاموا بهذه الوظيفة المقدسة حق القيام، وإذا لازدهرت هاتيك العلوم في هذه الديار أيما ازدهار. وإنك لتجد بعض الشبان والكهول من المشتغلين المجدين الذين قضوا شطرا كبيرا من حياتهم في الجمع بين المعقول والمنقول، والتدقيق في الفروع والأصول، يفتشون عن وظيفة علمية تسند إليهم لينفعوا بعلمهم ويستزيدوا منه ويتمرنوا على العمل، وليستعينوا بالمرتب على أمر معيشتهم فلا يجدون إلى ذلك سبيلا،

<<  <  ج: ص:  >  >>