للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: من شيء عال.

وتخالفها في أمرين: أنها لا تستعمل إلا مجرورة بمن (١)، وأنها لا تستعمل مضافة (٢)؛ كذا قال جماعة؛ منهم ابن أبي الربيع (٣)، وهو الحق، وظاهر ذكر ابن مالك لها في عداد هذه الألفاظ أنها يجوز إضافتها، وقد صرح الجوهري (٤) بذلك؛ فقال: يقال أتيته من عل الدار -بكسر اللام؛ أي من عال" (٥).

ومقتضى قوله:

وأعربوا نصبا إذا ما نكرا … قبلا وما من بعده قد ذكرا

من السرعة؛ كأنه يقبل ويدبر في وقت واحد، وهو في ذلك؛ كصخر حدره السيل من مكان عال، لا يقف في طريقه شيء.

الشاهد: إعراب "عل" وجره بمن، وقطعه عن الإضافة؛ لأنه لم ينو لفظ المضاف إليه، ولا معناه؛ إذ لم يرد الشاعر أن الصخر ينحط من أعلى شيء خاص، وكان حقه التنوين؛ لأنه نكرة، ولكنه حذف للشعر.

(١) سواء كانت معربة، أم مبنية.

(٢) أي لفظا في أفصح الأساليب، وأكثرها شيوعا؛ بل تستعمل مبنية على الضم؛ لنية معنى المضاف إليه، أو منونة؛ لقطعها عن الإضافة رأسا، بخلاف "فوق"؛ فإنها تستعمل كثيرا مضافة، وغير مضافة، مجرورة بمن، وغير مجرورة بها.

(٣) هو عبيد الله بن أحمد، الإمام أبو الحسين بن أبي الربيع القرشي الأموي الأشبيلي، إمام أهل النحو في زمانه، قرأه على الدباج والشلوبين، وتصدر للإقراء؛ ليحصل على عيشه.

ولما استولى الفرنجة على أشبيلية جاء إلى سبتة، وأقرأ بها النحو دهره، وعنه أخذ محمد الإشبيلي والغافقي، وصنف "الإفصاح في شرح مسائل الإيضاح"، كما شرح سيبويه، وشرح "الجمل" شرحا وافيا في عشر مجلدات، لم يشذ عنه مسألة في العربية، وتوفي سنة ٦٨٨ هـ. وخلفه في حلقته تلميذه؛ أبو إسحاق الغافقي.

(٤) هو الإمام اللغوي؛ إسماعيل بن حماد، صاحب الصحاح انظر ٢٦٤ جزء أول.

(٥) هذا رأي لا يرتضيه الجمهور؛ لأنه لم يرد في الفصيح ما يؤيده.

<<  <  ج: ص:  >  >>