السادس: أنها لا تقطع إلا فضلة (١)؛ تقول: السفر من عند البصرة (٢)، ولا تقول: من لدن البصرة.
ومنها "مع": وهو اسم لمكان الاجتماع (٣)، معرب إلا في لغة ربيعة وغنم (٤) فتبنى
(١) لأنها ظرف غير متصرف، فهي مقصورة على النصب على الظرفية أو الجر بمن. أما "عند" فلا.
(٢) فالجار والمجرور خبر عن السفر.
هذا: وتأتي "عند" ظرفا للأعيان والمعاني؛ تقول: هذا القول عندي صواب، وعند فلان علم به، ويندر ذلك في "لدي" قيل: ومنه قوله تعالى: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾.
وتقول: عندي مال وإن كان غائبا عنك. ولا تقول: لدي مال إلا إذا كان حاضرا، وفي "لدن" يقول ابن مالك.
وألزموا إضافة "لدن" فجر … ونصب "غدوة بها عنهم ندر
أي أن العرب ألزموا "لدن" الإضافة فجر المضاف إليه، وقد يتجرد عن الإضافة وينصب كلمة "غدوة" دون غيرها نادرا.
(٣) هي ظرف مكان أو ظرف زمان، يدل على اجتماع والتقاء بين اثنين في مكان واحد أو زمان واحد، وإرادة المكان أو الزمان توضحه القرائن. مثال دلالته على المكان: التواضع مع الغنى كرم نفس. ومثال الزمان: يذهب الفلاح إلى الحقل في الصباح الباكر. وهي حينئذ ظرف غير متصرف ملازم في الغالب للإضافة لفظا ومعنى، معرب منصوب على الظرفية؛ ولأنها اسم يخبر بها عن الذوات؛ تقول: محمد معك. وتأتي بمعنى "عند" فتفيد الحضور المجرد، ولا تدل على اجتماع ومصاحبة، وتكون حينئذ معربة مضافة، واجبة الجر بمن الابتدائية؛ نحو: من أراد البذل فلينفق من معه لا من مع غيره.
(٤) ربيعة: إحدى قبليتين عظيمتين تفعرت إليهما العرب العدنانية، والثانية مضر، وربيعة أبو القبيلة. وغنم: قبيلة أبوها ورئيسها غنم بن تغلب وائل.
* "إضافة" مفعول ثان مقدم لألزموا. "لدن" مفعول أول قصد لفظه. "فجر" الفاء للعطف، وفاعل جر يعود على لدن ومفعوله محذوف؛ أي المضاف إليه. "ونصب" مبتدأ "غدوة" مضاف إليه. "بها" متعلق بنصب. "عنهم" متعلق بتدر، وجملة "ندر" خبر المبتدأ.