أحدها: أن تقع بعد فاء الجزاء (١)؛ نحو: ﴿مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ فالكسر على معنى: فهو غفور رحيم (٢)، والفتح على معنى: فالغفران والرحمة؛ أي: حاصلان، أو فالحاصل الغفران والرحمة (٣)، كما قال الله -تعالى: ﴿وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ﴾؛ أي: فهو يئوس.
الثاني: أن تقع بعد "إذا" الفجائية (٤) كقوله:
إذا أنه عبد القفا واللهازم (٥)
(١) هي الفاء الواقعة في صدر جواب الشرط وجزائه.
(٢) أي: على اعتبار "إن" مع معموليها بعد الفاء، جملة مستقلة في محل جزم جواب الشرط، وهذا حسن لعدم احتياجه إلى تقدير شيء.
(٣) أي: على اعتبار المصدر المؤول من أن ومعموليها، في محل رفع مبتدأ خبر محذوف، أو خبر لمبتدأ محذوف، وهذا أولى؛ لأنه المعهود في جملة الجزاء؛ ومثل فاء الجزاء: الفاء الداخلة على ما يشبه الجزاء؛ لأداة تشبه الشرط في العموم والإبهام؛ كاسم الموصول، والنكرة العامة الموصوفة بجملة فعلية أو شبهها، ومن ذلك قوله -تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾؛ فيجوز في "أن" الثانية الكسر والفتح، و"ما" هنا موصولة وعائدها محذوف، أي: غنمتموه؛ فعلى الكسر تكون الجملة هي الخبر، وعلى الفتح يكون المصدر المؤول مبتدأ خبره محذوف؛ أي: فكون خمسه لله ثابت، أو خبرا لمبتدأ محذوف؛ أي: فالواجب كون خمسه لله، والجملة خبر "أن" الأولى.
(٤) أي: الدالة على المفاجأة؛ وهي الهجوم والمباغتة؛ لأن ما بعدها يحدث بعد وجود ما قبلها بغتة وفجأة.
(٥) عجز بيت من الطويل، أنشده سيبويه ولم ينسبه لقائل. وصدره: