وقد يجيء هذا الحذف في النون (١)، ومنه على الأظهر قراءة ابن عامر وعاصم:"وَكَذَلِكَ نُجِّيَ الْمُؤْمِنِينَ"(٢)، أصله: ننجي -بفتح النون الثانية- وقيل: الأصل: ننجي -بسكونها- فأدغمت (٣) كإجاصة وإجانة (٤)، وإدغام النون في الجيم لا يكاد يعرف، وقيل: هو من نجا ينجو، ثم ضعفت عينه وأسند لضمير المصدر (٥) ولو كان كذلك لفتحت الياء؛ لأنه فعل ماض (٦).
الثانية والثالثة: أن تكون الكلمة فعلا مضارعا مجزوما (٧)، أو فعل أمر (٨)، قال الله -تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾، فيقرأ بالفك وهو لغة أهل الحجاز، والإدغام وهو لغة تميم، قال الله -تعالى: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾
وقال الشاعر:
فَغُضّ الطَّرْف إنك من نُمْير (٩)
(١) أي: تحذف للتخفيف النون الثانية، فيما تصدر فيه نونان.
(٢)[سورة الأنبياء من الآية: ٨٨].
(٣) أي: أدغمت النون الثانية في الجحيم.
(٤) الأصل فيهما: إنجاصة، وإنجانة فأدغمت النون في الجيم، والإجاصة: واحدة الإجاص، وهو تمر معروف دخيل على العرب؛ لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة والإجاص: المشمس والكمثرى بلغة الشاميين، والإجانة، بفتح الهمزة، وكسرها، واحدة الأجاجين وهي: إناء يغسل ويعجن فيه.
(٥) أي: على أنه نائب فاعل له: لأنه ماض للمجهول، والتقدير: نجي هو؛ أي: النجاء قيل: وفيه ضعف.
(٦) فيكون مثل ﴿قُضِيَ الأَمْرُ﴾ وأيضا ففيه إنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل.
(٧) أي: بالسكون ومضاعفا.
(٨) أي: مبنيا على السكون أيضا، غير متصل بنون النسوة: فإن لم يجزم المضارع مطلقًا، أو جزم بحذف النون، أو الأمر على الحذف، وجب الإدغام.
(٩) صدر بيت من الوافر لجرير الشاعر الأموي المشهور، من قصيدة يهجو فيها عبيد بن حصين، المعروف بالرباعي النميري، وعجزه: =