والثاني: أن يدلا على التحضيض (١)؛ فيختصان بالفعلية (٢)؛ نحو: ﴿لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ﴾، ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ (٣)، ويساويهما في التحضيض والاختصاص بالأفعال: هلا، وألا وألا (٤).
وقد يلي حرف التحضيض اسم معلق بفعل؛ إما مضمر نحو:"فهلا بِكرًا تلاعبها
(١) أي: أو العرض. والتحضيض هو: الترغيب بقوة في فعل شيء أو تركه" أما العرض فهو الترغيب في الشيء بلين ورفق.
(٢) ذلك لأن مضمون الجملة الفعلية حادث متجدد، فيتعلق به الطلب بقوة وحث، أو برفق وهو ما يفيده التحضيض والعرض ويجب أن يليهما المضارع ظاهرًا أو مقدرًا، وأن يكون معناه مستقبلا؛ لأن أداة التحضيض والعرض تخلص زمن المضارع للاستقبال، إذ معناهما لا يتحقق إلا فيه، وإن دخلا على الماضي لفظًا أو تأويلا، كانا للزجر وللتوبيخ على ترك الفعل في الماضي، نحو قوله -تعالى: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾.
(٣) هذان المثالان للتحضيض، ومثال العرض: ﴿لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ﴾. وأداة التحضيض والعرض قد تحتاج إلى جواب، وقد لا تحتاج، على حسب المقام.
(٤) كما أن هذه الأوات تدل على التحضيض كذلك تدل أحيانًا على التوبيخ: نحو: هلا دافعت عن شرفك، ألا قاومت المعتدي، ألا رحبت بضيفك.
وتمتاز "ألا" بأنها تكون للعرض "وهو الترغيب في فعل شيء أو تركه باللين والعطف" ويكثر استعمالها فيه، وفي دلالة "لولا"، و"لو ما" على التحضيض وإشراك أدوات أخرى معها في ذلك، يقول الناظم:
وبهما التحضيض مز، وهلا … ألا ألا وأولينها الفعلا*
أي: ميز بلولا ولوما الدلالة على التحضيض، ويشاركها في ذلك: هلا، وألّا، وألا وتختص حينئذ بالدخول على الجمل الفعلية، كما أوضحنا.
* "وبهما" جار ومجرور متعلق بمز. "التحضيض" مفعول مز مقدم "وهلا" معطوفة على الهاء في بهما. أو مبتدأ حذف خبره؛ أي: كذلك. "ألا ألا" معطوفان على هلا بإسقاط العاطف، "وأوليتها" أول فعل أمر متعد لاثنين مؤكد بالنون الخفيفة، "والها" مفعوله الأول "الفعلا" مفعوله الثاني، والألف للإطلاق.