للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"برجلين آخر"، ولكنهم قالوا: أخرى، وأخر، وآخرون، وآخران (١)؛ قال الله تعالى: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾ (٢)، ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر﴾ (٣)، ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا﴾، ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ﴾.

وإنما خص النحويون "أخر" بالذكر؛ لأن في أخرى ألف التأنيث، وهي أوضح من العدل، "وآخرون، وآخران" معربان بالحروف؛ فلا مدخل لهما في هذا الباب، وأما آخر"؛ فلا عدل فيه؛ وإنما العدل في فروعه (٤)، وإنما امتنع من الصرف للوصف والوزن. وإن كانت "أخرى" بمعنى آخرة (٥)؛ نحو: ﴿قَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُم﴾، جمعت على "أخر" مصروفًا؛ لأن مذكرها "آخر" (٦) بالكسر؛ بدليل: ﴿وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى﴾، ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ﴾ (٧)، فليست من باب اسم

(١) فعدلوا عن الحكم العام والقياس مع لفظ "آخر"، وأنثوه مع المؤنث، وثنوه وجمعوه مع المثنى والجمع.

(٢) الأخرى هنا ليست معدولة، بل أنثت لاقترانها بأل، الآية ٢٨٢ من سورة البقرة.

(٣) "أخر" صفة لأيام، ممنوع من الصرف للوصيفية والعدل، وقد اختلف في العدل فيه، فقال أكثر النحاة: إنه معدوول عن الآخر، معرفا بألن، لأنهه من باب أفعل التفضيل؛ فحقه ألا حكم بعدله عما يستحقه، والتحقيق: أنه معدول عن "آخر"، وهو ما كان يستحقه من الاستعمال بلفظ الواحد المذكر؛ لأنه أفعل تفضيل وقياسه الإفراد والتذكير في جميع الاستعمالات، إذا كان مجردًا من أل والإضافة.

(٤) وهي: المؤنث، والمثنى، والجمع.

(٥) وهي: المقابلة لكلمة "أولى".

(٦) أي الذي يقابل كملة "أول".

(٧) وجه الدلالة: أنه وصف النشأة في الآية الأولى بالأخرى، وفي الثانية بالآخرة، والقصة واحدة؛ فدل ذلك على أن معناها واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>