للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطون الكتب، وأثنى على شيخ الإسلام وأشاع فضله بين الأنام، نسأله تعالى أن يحفظه من طوارق الأيام ويصونه من كيد اللئام.

ومنهم الفاضل العلامة الذي حلى جيد الفضل بما أملى، حتى غدا بكل منقبة أحرى وأولى بما أولى، الذي أسرج خيول المجد، وألجم أفواه الحساد، وأقام ما تهدم من أركان الفخر، وأقعد على الأعجاز أرباب العناد، ألا وهو رفيق بك العظم نزيل القاهرة، حرسه الله تعالى وأيد به المعالي، وحفظه من مزعجات الأيام والليالي، فإنه قال في كتابه (تنبيه الأفهام إلى مطالب الحياة الاجتماعية والإسلام) من جملة كلام طويل ما نصه: "لم يقف الجمود بعلماء المتأخرين عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى ما هو أعظم نكالاً وأشد، فإنهم لما اسنترسلوا بالتقليد، وحرموا على أنفسهم العمل بنصوص الكتاب والسنة- إلا ما جاء منها بالعرض عن طريق الشيوخ- وأصبحوا حيارى في مدافعة البدع والأضاليل التي خالطت أوهام المسلمين، وأدنتهم من الوثنية بمقدار ما أقصاهم عنها الإسلام؛ ألف بعضهم من هذه البدع ما ألفته نفوس العامة، ونزلته منزلة العقائد الدينية، وفيها ما يصادم أصول الدين، فجعلوا يبدعون كل منكر لهذه البدع قائل بالرجوع إلى سذاجة الدين والعمل بالكتاب والسنة وسيرة السلف الصالحين، ويستعملون في تبديع من هذا شأنه من أساليب التعسف ما يشعر بتناهي ضعف العلم وفساد ملكة الحق عند المتأخرين، يدلك على هذا أن أحدهم لما يريد تبديع منكري هذه البدع أو تكفير مجتهد بمسألة من المسائل مثلاً ويرى أن أدلتهم- من الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة وأنه لا سبيل له للإتيان بدليل منهما يضاد أدلتهم لأن نص الصحيح- لا يضاد نص الصحيح يعمد إلى حديث موضوع أو قول من أقوال الشيوخ فيجعله حجة له على أولئك بإزاء حجتهم من الكتاب والسنة الصحيحة، أو يجمع نصوصاً متفرقة يقصد كل منها بمعناه وجهاً مخصوصاً فيستنتج منه حكماً يطابق هواه مخالفاً في هذا طريقة السلف، ولم هذا؟ لأنه لم يلتمس في مناظرته بيان الحق وتمحيص الحقائق، وإنما هو يلتمس رضا العامة بمجاراة أفكارهم ابتغاء الزلفى عندهم، وتعظيمهم له، أو هو يحاول التماس المعذرة أمام النفس التي يتجلى لها الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>