للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعظام الحيوان، وسجع الكلام، وما سنح من طير أو حيوان، ويديم ذلك الإحساس والتخيل مستعيناً به في ذلك الانسلاخ الذي يقصده ويكون كالمشيع له، وهذه القوة التي هي مبدأ في هذا الصنف لذلك الإدراك هي الكهانة، ولكون هذه النفوس مفطورة على النقص والقصور عن الكمال كان إدراكها الجزئيات أكثر مر إدراكها الكليات، وتكون مشتغلة بها غافلة عن الكليات، ولذلك كثيراً ما تكون المتخيلة فيهم في غاية القوة، وتكون الجزئيات عندها حاضرة عتيدة، وهي، لها كالمرآة تنظر فيها دائماً، ولا يقوى الكاهن على الكمال في إدراك المعقولات لأن نقصانه فطري ووحيه شيطاني، وأرفع أحوال هذا الصنف أن يستعين بالكلام الذي فيه السجع والموازنة ليشتغل به عن الحواس، ويقوى في الجملة على ذلك الانسلاخ الناقص، فيهجس في قلبه من تلك الحركة والذي يشيعها من ذلك الأجنبي ما يقذف على لسانه، وربما صدق ووافق الحق، وربما كذب لأنه يتمم أمر نقصه بأجنبي عن ذات المدارك ومباين لها غير ملائم، فيعرض له الصدق والكذب جميعاً، ويكون غير موثوق به وربما يفزع إلى الظنون والتخمينات حرصاً على الظفر بالإدراك بزعمه، وتمويهاً على شيطاني، وأرفع أحوال هذا الصنف أن يستعين بالكلام الذي فيه السجع والموازنة ولا استعانة بأجنبي كان صادقاً في جميع ما يأتي به، وكان الصديق من خواص النبوة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لابن الصياد- حين سأله كاشفاً عن حاله بقوله: كيف يأتيك هذا الأمر؟ فقال: يأتيني صادق وكاذب- خلط عليك الأمر يريد، نفي النبوة عنه بالإشارة إلى أنها مما لا يعتبر فيه الكذب بحال.

وإنما قيل: أرفع أحوال هذا الصنف السجع لأن معين السجع أخف من سائر المعينات من المرئيات والمسموعات، وتدل خفة المعين على قرب ذلك الانسلاخ والاتصال، والبعد فيه عن العجز في الجملة، ولا انحصار لعلوم الكهان فيما يكون من الشياطين، بل كما تكون من الشياطين تكون من أنفسهم بانسلاخها انسلاخاً غير تام، واتصالها في الجملة بواسطة بعض الأسباب بعالم لا تحجب عنه الحوادث المستقبلة وغيرها، فانقطاع خبر السماء بعد البعثة عن الشياطين بالرجم

<<  <  ج: ص:  >  >>