للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خير الأنام، بأن الحج فرض والزيارة سنة. وكذلك لا يعتقد أحد مشروعية الطواف به كالطواف بالبيت الحرام. وكذلك السجود له لم يجوزه أحد، ثم أطال الكلام.

وحاصل ما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم قد أطلعه الله على غيوب كثيرة، وذكر بعض أكاذيب: منها أن شيخه أخبره بالغيب، إلى أن قال: وأما كونه صلى الله عليه وسلم يعطي ويمنع ويقضي حوائج السائلين إلخ.. فهو لا شك فيه، ولا يتردد بصحته ووقوعه إلا كل من تراكم على قلبه الجهل والظلام، قال: ومن يشك أنه صلى الله عليه وسلم يعطي بالله، ويمنع بالله، ويقضي حوائج السائلين بالله، ويفرج كربات المكروبين بالله، ويشفع فيمن يشاء ويدخل الجنة من يشاء بتشفيع الله له فيهم، ولم يعتقد فيه صلى الله عليه وسلم أحد من المسلمين أنه يفعل من ذلك شيئاً بنفسه، ثم ذكر وقوع ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته. ونقل في ذلك عدة حكايات من كتاب "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام" لأبي عبد الله محمد بن النعمان المغربي التلمساني المالكي، وكتاب "بغية الأحلام" للشيخ نور الدين علي الحلبي صاحب السيرة، وأورد حديث "حياتي خير لكم".

وحديث الشفاعة، إلى آخر كلامه.

ونحن نجيب بتوفيق الله تعالى وإعانته فنقول: الجواب عما اعترض به من وجوه:

أما أولاً: فإن السبكي جعل السفر لزيارة القبر وإعمال المطي لها والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من باب تعظيمه وتوقيره. وابن قدامة رحمه الله تعالى رد عليه وقال ما حاصله: إنه ليس كل تعظيم مشروعاً، فالسجود فيه تعظيم مع أنه لغير الله تعالى كفر، والطواف بالقبر تعظيم وهو أيضاً منهي عنه واعتقاد أنه يعلم الغيب فيه تعظيم وهو من خواص الألوهية وهكذا جمع ما هو من خواص الإله سبحانه فيها تعظيم وتوقير ولا يجوز إثباتها لغير الله تعالى، لا لملك مقرب ولا لنبي ولا لرسول، وما ذكره السبكي من هذا القبيل، وليس مراده أن القائلين به يفعلون هذه الأمور المنكرة حتى يرد ما ذكره النبهاني أنه قد كذب على أهل السنة في بعض عبارته وهو في بعضها من أقبح المكابرين..إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>