للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم

الحاصل؛ أن ما نهى الله عنه وزجر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم لا يجوز فعله وإن كان من الأفعال التعظيمية، وامتثال أمره صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه هو تعظيمه، وفيه توقيره، وهو الموجب لسعادة الدارين، والظفر بما يكون سبباً لقرة العين، وأما الأعمال المضادة لما جاء صلى الله عليه وسلم به- وإن قصد فاعلها التعظيم بها- فهي موجبة لغضب الرب والحرمان من محبة الرسول، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١

وأما ثانياً: فإن الحافظ ابن قدامة لم ينسب ما ذكر من الأعمال المنكرة لأهل السنة، بل لو نسبها لنسبها إلى الغلاة الخارجين عن الدين، المارقين عن سبيل المؤمنين، فإن الدعاء مخ العبادة، فمن دعا غير الله والتجأ إليه، وتوكل عليه، واستعاذ به، واستعان به، فيما لا يقدر عليه إلا الله وغير ذلك؛ فقد عبده، ومن عبد غيره تعالى فليس هو من الدين في شيء، وأهل السنة في عرف النبهاني وأضرابه من الغلاة هم الذين على منواله وليس الأمر كما زعم، بل هم الذين يعملون بما ورد في الكتاب والسنة، وكانوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يغيروا ولم يبدلوا، وقد ذكرنا ذلك غير مرة.

وأما ثالثاً: فقول النبهاني: إما ما كذب به فقوله: لم حتى الحج إلى قبره والسجود له والطواف به. فهذا من أشنع الكذب الظاهر؛ هو دعوى ليس عليها برهان بل يكذبها العيان.

وليس يصح في الأعيان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

هذه المشاهد المشهودة اليوم قد اتخذها الغلاة أعياداً للصلاة إليها، والطواف بها، وتقبيلها، واستلامها، وتعفير الخدود على ترابها، وعبادة أصحابها، والاستغاثة بهم، وسؤالهم النصر، والرزق، والعافية، وقضاء الديون،


١ سورة آل عمران: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>