للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد بالقرآن الذي لا يسوغ أن يفضل عليه النبي أو أي إنسان أهو الكلام النفسي الذي هو من صفاته تعالى الذاتية؟ أم الكلام اللفظي الذي ذهب إلى أنه مخلوق- كالمعتزلة- معظم الأشاعرة والماتريدية، فإن كان الأول فالقول به غير مناسب قطعاً، بل هو باطل بلا شبهة عقلاً وسمعاً وإن كان الثاني فالقول بعدم مناسبة عدم المناسبة مما تتردد فيه الأذهان، لقول معظم أهل السنة أنه عليه الصلاه والسلام أفضل المخلوقات ما يكون أو كان. وحيث أن البوصيري عبر بالآيات أي المعجزات أراد بالقرآن المعنى الثاني من المعنيين، إذ الكلام النفسي ليس بمعجزة، ولم يتحد به سيد الكونين، والظاهر أنه أشعري يقول: إن الكلام اللفظي مخلوق، ضرورة اشتماله على بداية ونهاية وسابق ومسبوق، وأنه ممن يفضل النبي عليه الصلاة والسلام على جميع المخلوقات، ممن مضى منهم ومن هو آت، فقد قال وأحسن في المقال:

فمبلغ العلم فيه أنه بشر ... وأنه خير خلق الله كلهم

إلى أن قال: وأنا أقول الآن مستعيناً بالملك المنان، قد ظفرت بنحو ما ذكرته في مختصر شرح المرزوقي للقصيدة، ونصه- بعد كلام في هذا البيت-: قال الشارح: لم يزل الناس يعترضون هذا البيت لاقتضائه أن ليس فيما أعطيه صلى الله عليه وسلم من الآيات ما يناسب قدره، لأن (لو) حرف امتناع لامتناع، أي امتنعت الخاصة المذكورة لامتناع أن يناسب قدره العظيم شيء من آياته صلى الله عليه وسلم، وهذا باطل فإن من آياته القرآن العظيم، وهو كلام الله تعالى، والكلام صفة، وشرف الصفة بشرف الموصوف.

ثم قال: وعنه أجوبة. وأقول: السؤال مغاطة، فإن القرآن يراد به كلام الله الذي هو صفة الذات وهو لمعنى القائم به، وهذا لم يعطه صلى الله عليه وسلم، لأن الذي أعطيه معجزة والمعجزة فعل لله تعالى خارق للعادة وهو غير صفة الذات، ويراد به أيضاً الحروف الملفوظة والأصوات المسموعة، وهذا هو الذي أعطيه صلى الله عليه وسلم، وهو المعجزة، وإطلاق القرآن عليه بمعنى القراءة، ومدلولها المعنى القائم بالذات، وإطلاق القرآن على الحروف والأصوات شائع، وحينئذ لا نسلم أن تكون الحروف

<<  <  ج: ص:  >  >>