للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الحوائج، وهذا كثير واقع في المشركين الذين يدعون الملائكة، أو الأنبياء، أو الكواكب، أو الأوثان، فجزم بأن قضاء الحوائج قد يحصل لعباد الملائكة، أو الأنبياء، أو الكواكب، أو الأوثان، ولو حكى الوقائع الموجودة في زمانه لطال المقام.

ومنها قول الشيخ وهو ثقة فيما يحكيه بالإجماع أن علماء مصر لم يوافقوا من صنف في جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما لا يقدر عليه إلا الله، وأبوا أن يخالفوا ما كتبه شيخ الإسلام من المنع، فالحمد لله لا نحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده الصالحون.

وأما ما انتقده أهل العلم والدين على كلام البوصيري فكثير جداً، من ذلك قوله:

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم

قال العلامة الشيخ عبد اللطيف في كتابه (منهاج التأسيس) : إن قول البوصيري هذا أشنع وأبشع من قول الصرصري، لما تضمنه من الحصر، ولما فيه من اللياذ بغير الله في الخطب الجلل، والحادث العمم، وهو قيام الساعة، وقد قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ١.

فدعاء غير الله في الأمور العامة الكلية أبشع من دعاء غيره في الأمور الجزئية، ولذلك أخبر أن عباد الأصنام لا يدعون غيره عند إتيان العذاب أو إتيان الساعة التي هي الحادث العمم.

وأما من قال من الغلاة في الاعتذار عنه أن مقصوده الشفاعة والجاه فهذا لا يفيده شيئاً، لأن عامة المشركين إنما يقصدون هدا ولم يقصد الاستقلال إلا معطلة الصانع، وعامة المشركين إنما قصدوا الجاه والشفاعة كما حكاه القرآن في غير


١ سورة الأنعام: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>