وصنف الشيخ رحمه الله أيضاً مجلداً في حكم الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين، وقرر أدلة المنع من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، وأكثر الكلام في المنع من هذا.
قال رحمه الله تعالى: "ومما يبين حكمة الشريعة وأنها كسفينة نوح أن الذين خرجوا عن المشروع خرجوا إلى الشرك، وطائفة منهم يصلون ويدعو أحدهم الميت فيقول اغفر لي وارحمني، ومنهم من يستقبل القبر ويصلي إليه مستدير الكعبة، ويقول: القبر قبلة الخاصة، والكعبة قبلة العامة، وهذا يقوله من هو أكثر الناس عبادة وزهداً، وهو شيخ متبوع، فلعله أمثل أصحاب شيخه يقوله عن شيخه، وأخرج من أعيان الشيوخ المتبوعين أصحاب الصدق والاجتهاد في العبادة والزهد، وأمر المريد أول ما يتوب أن يذهب إلى قبر الشيخ فيعكف عليه عكوف أهل التماثيل عليها، وجمهور هؤلاء المشركين بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع وحضور القلب ما لا يجدونه في المساجد، وآخرون يحجون إلى القبور، وطائفة صنفوا كتباً وسموها مناسك حج المشاهد، وآخرون يسافرون إلى قبور المشايخ وإن لم يسموها منسكاً وحجاً، فالمعنى واحد.
وبعض الشيوخ المشهورين بالزهد والصلاح صنف كتاب الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والمنام، وذكر في مناقب هذا الشيخ أنه حج مرة وكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم منتهى قصده، ثم رجع ولم يذهب إلى الكعبة وجعل هذا من مناقبه.
وبسبب الخروج عن الشريعة صار بعض الشيوخ- ممن يقصده بعض العلماء والقضاة قيل عنه أنه كان- يقول: البيوت المحجوجة ثلاثة: مكة، وبيت المقدس، والبله الذي بالهند، الذي للمشركين، لأنه يعتقد أن دين اليهود والنصارى حق.
قال: وجاء بعض إخواننا العارفين قبل أن يعرف حقيقته فقال: أريد أن أسلك على يديك، فقال له: على دين اليهود أو النصارى أو المسلمين؟ فقال له: