للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكما زيدت الفاء فيما ذكرناه وفي غيره مما يطول ذكره، كذلك حذفت أيضا اختصارا وهي مرادة١، وذلك نحو ما أنشده سيبويه:

من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عن الله مثلان٢

أراد: فالله يشكرها، وحذف الفاء تخفيفا.

هكذا أنشده سيبويه، ورواه غيره من أصحابنا:

من يفعلِ الخير فالرحمن يشكره٣

وقد خالف جماعة من أصحابنا سيبويه في أشياء كثيرة مما استشهده، هذا واحدا منها.


١ مرادة: مطلوبة. مادة "رود". اللسان "٣/ ١٧٧١".
٢ البيت من شواهد سيبويه كما قال المؤلف وقد أورده في "١/ ٤٣٥".
والقافية فيه "سيان" في مكان "مثلان" واختلف في قائل هذا البيت، فنسب في الكتاب لسيبويه "١/ ٤٣٥" إلى حسان بن ثابت، وفي الخزانة للبغدادي "٣/ ٦٤٤": والبيت نسبه سيبويه لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، ورواه جماعة لكعب بن مالك الأنصاري.
محل الشاهد في البيت: أن الفاء الرابطة محذوفة من جواب الشرط ضرورة، والتقدير: فالله يشكرها. وقد روي عن أبي الحسن الأخفش أنه جائز في الكلام إذا علم ومن ذلك قول الله عز وجل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشوري: ٣٠] وقرئ: "بما كسبت" فدل على أن الفاء محذوفة، وجوزه ابن مالك مستشهدا بقوله -صلى الله عليه وسلم- في اللقطة: "إن جاء صاحبها وإلا استمتع بها" خزانة الأدب "٣/ ٦٤٤".
إعراب الشاهد: في قول سيبويه: "ومن يفعل الحسنات الله يشكرها":
من: اسم شرط مبني في محل رفع مبتدأ.
يفعل: فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه السكون.
الله: مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الضمة.
يشكرها: يشكر فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره هو، والهاء: ضمير مبني في محل نصب مفعول به، والجملة في محل رفع خبر، وفعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر.
٣ قيل: إن هذه الرواية هي الصحيحة، أما الرواية السابقة فقد قال الأصمعي: إن النحويين قد غيروها.
وموضع الشاهد: "فالرحمن يشكره" فقد وردت الفاء مذكورة في البيت.
وقد سبق إعراب الشاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>