للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهج الثاني:

أنا نعلل الحكم بالحكمة، ونعدّي الحكم بتعديها، كما في قوله عليه السلام: "لَا يَقْضِي القَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وهُوَ غَضْبَان" ١. إنما جعل الغضب سببًا؛ لأنه يدهش العقل، ويمنع من استيفاء الفكر، وهو موجود في "الجوع والعطش" المفرطين، فنقيسه عليه.

وكقولنا: الصبي يولّى عليه لحكمة، وهي: عجزه عن النظر لنفسه٢، فينصب "الجنون" سببًا، قياسًا على "الصغر" لهذه الحكمة.

ولذلك: اتفق عمر وعلي -رضي الله عنهما- على قتل الجماعة بالواحد٣، قياسًا على الواحد بالواحد، للاشتراك في الحاجة إلى الردع والزجر.

وقولهم: "الزجر: ثمرة، إنما تحصل بعد الحكم، فكيف تكون علة"؟


١ تقدم تخريج الحديث وبيان الخلاف في القياس عليه.
٢ قال الغزالي بعدها: "فليس الصبا سبب الولاية لذاته بل لهذه الحكمة". المستصفى "٣/ ٦٩٨".
٣ أثر قتل الجماعة بالواحد ورد عن عمر -رضي الله عنه- بروايات مختلفة: فرواه البخاري معلقًا في كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب، أو يقتص منهم كلهم ولفظه: "وقال لي ابن بشار: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن غلامًا قُتل غِيلة، فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم". أما رواية موافقة علي لعمر -رضي الله عنهما- فقد أخرجها عبد الرزاق في مصنفه "٩/ ٤٧٧" وفيها: "أن عمر كان يشك فيها حتى قال علي: يا أمير المؤمنين: أرأيت لو أن نفرًا اشتركوا في سرقة جزور، فأخذ هذا عضوًا، وهذا عضوًا، أكنت قاطعهم؟ قال: نعم. قال: فذلك. حتى امتدح له الرأي". وانظر: التلخيص الحبير "٤/ ٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>