للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضر، وما كان مضرًا فعدمه يلزمه منه منفعة، ويكفي في مظنة الحكم أن يلزم منها الحكمة، ولا يشترط أن يكون منشأ لها.

قلنا: لا ننكر ذلك، لكن لا يناسب حكمًا في حق كل أحد، بل إعدام النافع يناسب عقوبة في حق من وجد منه الإعدام، زجرًا له، وإعدام المضر يناسب حكمًا نافعًا في حق من وجد منه إعدامه، حثًّا له على تعاطي مثله. فالمناسبة في الموضعين انتسبت إلى الإعدام، وهو أمر وجودي، لا إلى العدم١.

فلئن قلتم٢: إن عدم الأمر النافع للشخص يناسب ثبوت حكم نافع له، جبرًا لحاله.

قلنا: عنه جوابان.

أحدهما: منع المناسبة؛ فإنه لا يلخو: إما أن تثبت المناسبة بالنسبة إلى الله -عز وجل- أو إلى غيره.

وفي الجملة: شرع الجائز إنما يكون معقولًا على من وجد منه الضرر. وأما شرعه في حق غيره. فإنه عدول على مذاق القياس، ومقتضى


١ لما اعترض أصحاب المذهب الأول بعدم التسليم بأن الأمر العدمي لا تحصل منه الحكمة أجاب أصحاب المذهب الثاني عن هذا الاعتراض: بأننا نسلم وجود الحكمة، لكننا ننازع في أمر آخر، وهو أن الحكمة لا تناسب كل أحد فإن إعدام النافع يعتبر عقوبة مناسبة في حق شخص معين، وهو من وجد منه الإعدام، زجرًا له.
كما أن إعدام المضر يعتبر حكمًا مناسبًا في حق شخص معين أيضًا فالمناسبة في هذين المثالين أضيفت إلى فعل الإعدام، وهو أمر وجودي، ولم تضف على العدم.
٢ هذا اعتراض ثان.

<<  <  ج: ص:  >  >>