للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه العلة معلومة قطعًا، فلا تنتقض بهذه الصورة، ولا يكلف المستدل الاحتراز عنها.

وكذلك لو كانت العلة مظنونة، كإباحة بيع العرايا١ نقضًا لعلة من يعلل الربا بالكيل، أو الطعم، فإن مستثنى أيضًا، بدليل: وروده على علة كل معلل، فلا يوجب نقضًا على القياس، ولا يفسد العلة، بل يخصصها بما وراء الاستثناء، فيكون علة في غير محل الاستثناء.

ولا يقبل قول المناظر: إنه مستثنى، إلا أن يبين ذلك للخصم بكونه على خلاف قياسه أيضًا، أو بدليل يصلح لذلك٢.


= لأنه إنما يجب الاحتراز عما ورد نقضًا وهذا ليس كذلك. انظر: شرح مختصر الروضة "٣/ ٣٢٨".
١ روى البخاري ومسلم، أن رسول الله، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "نهى عن بيع التمر بالتمر، ورخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبًا". رواه البخاري: كتاب البيوع، باب المزابنة، وباب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب والفضة، وباب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو نخل من كتاب المساقاة، ومسلم: كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا.
٢ لأنها دعوى، فتحتاج إلى دليل يثبتها.
قال الشيخ الطوفي: "واعلم أن قول الفقهاء: هذا الحكم مستثنى عن قاعدة القياس، أو خارج عن القياس، أو ثبت على خلاف القياس، ليس المراد به بأنه تجرد عن مراعاة المصلحة حتى خالف القياس، وإنما المراد به: أنه عدل به عن نظائره لمصلحة أكمل وأخص من مصالح نظائره على جهة الاستحسان الشرعي. فمن ذلك: أن القياس عدم بيع المعدوم، وجاز ذلك في السلم، والإجارة توسعة وتيسيرًا على المكلفين.
ومنه: أن القياس أن كل واحد يضمن جناية نفسه، وخولف في دية الخطإ رفقًا بالجاني، وتخفيفًا عنه، لكثرة وقوع الخطإ من الجناة.

<<  <  ج: ص:  >  >>