للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرع: اعتبار المصالح والمفاسد، فيظن: أن عدم الحكم للمعارض، فلا تكون العلة منتقضة.

فصل: [في أضرب تخلف الحكم عن العلة] ١

تخلف الحكم عن العلة على ثلاثة أضرب.

أحدها: ما يعلم أنه مستثنى عن قاعدة القياس.

كإيجاب الدية على العاقلة دون الجاني، مع أن جناية الشخص علة وجوب الضمان عليه.

وإيجاب صاع تمر من لبن المصرّاة٢، مع أن علة إيجاب المثل في المثليات: تماثل الأجزاء.


١ وجه ارتباط هذا الفصل بما قبله: أنه لما أنهى الكلام على تخصيص العلة بتخلف حكمها عنها في بعض الصور، وكان للتخلف أحكام بعضها مؤثر في العلة وبعضها غير مؤثر، ذكر أنواع تخلف الحكم عن العلة، ليتميز بعضها من بعض.
٢ التصرية: جمع اللبن في ضرع الحيوان لإيهام الناس أنها حلوب، وقد حرم الإسلام ذلك لما فيه من التدليس على المشتري. صحت في ذلك أحاديث كثيرة منه قوله، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَا تَصَرُّوا الإبلَ والغَنَمَ فَمنِ ابتاعَها بَعْدَ فَهُو بخير النَّظَرَين بَعْدَ أنْ يَحْلُبَها: إِنْ شاء أَمْسَكَ وإنْ شاء رَدَّها وصَاعًا مِنْ تَمرٍ" متفق عليه. زاد مسلم: "فهو بالخيار ثلاثة أيام". انظر: سبل السلام "٣/ ٢٦".
ومحل الشاهد: أن القياس يقتضي أن يضمن لبن المصراة بمثله، لا بالتمر، ولذلك ترك الحنفية العمل بهذا الحديث وجعلوه مما يخالف الأصول، فهذا لا تبطل به علة القياس قطعًا بنص الشارع ومناسبة العقل، ولا يلزم المستدل الاحتراز عنه في تعليله بأن يقول: كل امرئ مختص بضمان جناية نفسه في غير دية الخطأ، وتماثل الأجزاء علة إيجاب المثل في ضمان المثليات في المصراة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>