ومن ناحية أخرى: أن المقيس عليه ليس محل اتفاق حتى يقاس عليه، فقد ذهب أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- إلى وجوب الزكاة في كل ما تخرجه الأرض، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة، منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر" إلى آخر ما ذكره الحنفية من أدلة في هذه المقام. الوقفة الثالثة: أن الخضروات وردت فيها أحاديث خاصة، فلا معنى للقياس ومن تلك الأحاديث: ما أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الخضروات عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنه كتب إل النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن الخضروات -وهي البقول- فقال: "ليس فيها شيء" ثم قال: إسناد هذا الحديث ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء، وإنما يروى هذا عن موسى بن طلحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا. كما أخرجه الدراقطني: كتاب الزكاة، باب ليس في الخضروات صدقة. وللحديث طرق أخرى كثيرة عن علي وطلحة وأنس بن مالك وعائشة -رضي الله عنهم جميعًا-. وقد تكلم الحافظ ابن حجر على هذه الطرق وضعفها كلها. انظر: تلخيص الحبير "٢/ ١٦٥"، كتاب الزكاة.