وهذا النوع حجة أيضًا عند الجمهور. ثالثًا: استصحاب حال الإجماع، إذا وقع نزاع بعد، فيما تم الإجماع عليه. انظر: العدة "٤/ ١٢٦٢" والتمهيد "٤/ ٢٥١" وإرشاد الفحول "٢/ ٢٤٨" إعلام الموقعين "١/ ٣٧٨" التمهيد للإسنوي ص٤٨٩، تيسير التحرير "٤/ ١٧٧". ومن أمثلة ذلك: إجماع الفقهاء على صحة الصلاة بالتيمم عند فقد الماء، إذا استمر ذلك حتى دخل في الصلاة، فإذا رأى الماء أثناء الصلاة، أو سمع وهو يصلي بعض الناس يقولون: قد وجد الماء، فهل يستمر في صلاته، بناء على الإجماع المستصحب قبل الصلاة، وصلاته تكون صحيحة، أم أن الصلاة تبطل، ويستأنفها بالوضوء، ولا اعتبار بالإجماع المتقدم على صحة الصلاة قبل رؤية الماء؟ في هذا النوع خلاف بين العلماء. فقال بعضهم، ومنهم الإمام الشافعي: لا تبطل الصلاة، وقال البعض الآخر -ومنهم الإمام أبو حنيفة-: تبطل الصلاة، ولا اعتبار بالإجماع السابق؛ لتغير الحال، وهو الذي رجحه علماء الحنابلة. ولذلك سيأتي رد الشيخ "ابن قدامة" على القائلين بحجيته، حيث قال: "وهذا فاسد، لأن الإجماع إنما دل على دوامها حال العدم، فأما مع الوجود، فهو مختلف فيه، ولا إجماع مع الاختلاف، واستصحاب الإجماع عند انتفاء الإجماع محال". وقال الشوكاني مرجحًا ما ذهب إليه الإمام الشافعي-: "والقول الثاني هو الراجح؛ لأن المتمسك بالاستصحاب باق على الأصل، قائم في مقام المنع، فلا يجب عليه الانتقال عنه إلا بدليل يصلح لذلك، فمن ادعاه جاء به". إرشاد الفحول "٢/ ٢٥٢". قلت: ويؤيده النهي عن إبطال العبادة على الدخول فيها؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [سورة محمد: ٣٣] .