ووجه الدلالة من الآية: أنه لما نزلت الآيات القاطعة في تحريم الربا، خاف الصحابة من الأموال التي اكتسبوها من الربا قبل التحريم، فبين الله -تعالى- لهم أن ما أكتسبوه قبل ذلك كان على البراءة الأصلية ولا حرج فيه. قال الشوكاني: "فله ما سلف: أي ما تقدم منه من الربا لا يؤاخذ به، لأن فعله قبل أن يبلغه تحريم الربا، أو قبل أن تنزل آية تحريم الربا" "فتح القدير ١/ ٣٢٧". ومثلها قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [سورة البقرة: ١١٥] . ووجه الدلالة من الآية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استغفر لعمه أبي طالب -عند موته- وقال -كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم-: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" كما استغفر بعض المؤمنين لموتاهم من المشركين، فأنزل الله -تعالى-: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: ١١٣] فندموا على استغفارهم، وخشوا أن يعاقبوا على ذلك فنزلت الآية الكريمة: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} قال الشوكاني: "أي: أن الله -سبحانه- لا يوقع الضلال على قوم، ولا يسميهم ضلّالًا بعد أن هداهم إلى الإسلام، والقيام بشرائعه، ما لم يقدموا على شيء من المحرمات بعد أن يتبين لهم أنه محرم، وأما قبل أن يتبين لهم ذلك فلا إثم عليهم، ولا يؤاخذون به". فتح القدير "٢/ ٤٦٩". وهذا النوع من الاستصحاب حجة عند الجمهور. ثانيًا: استصحاب ما دل الشرع على ثبوته ودوامه، كاستصحاب النص وحكمه حتى يرد الناسخ، وكاستصحاب العموم من اللفظ العام حتى يرد دليل =