للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ - ثم "إن العلماء القائلين بالمجاز لم يقولوا بدخول المجاز والتأويل في كل كلام بل قالوا: "المجاز والتأويل لا يدخل في المنصوص وإنما يدخل في الظاهر المحتمل له" (١).

وهؤلاء الداعون للأموات كلامهم نص واضح جلي في مرادهم فكيف نؤوله ونطلب له الحيل والمخارج ونجادل عنهم؟ ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (١٠٩)[النساء: ١٠٩]. والعلماء نصوا على أنه ليس كل كلام قابلًا للتأويل، قال البقاعي :

"إنه ليس كل كلام يقبل تأويله وصرفه عن ظاهره، وذلك يرجع إلى قاعدة الإقرار بشيء، وتعقيبه بما يرفع شيئًا مَّا من معناه ولا خلاف عند الشافعية في أنه إن كان مفصولًا لا يقبل، وأما إذا كان موصولًا ففيه خلاف، ومن صورة ما لا ينفع فيه الصرف عن الظاهر كما لو أقر ببيع أو هبة ثم قال: كان ذلك فاسدًا فأقررت بظني الصحة فإنه لا يصدق في ذلك" (٢).

والمجاز العقلي القرينة المدعاة ليست متصلة بالكلام بل هي مفصولة فلا خلاف عند الشافعية في عدم اعتباره في الحكم.

وإذا ثبت أنه لا يقبل كل كلام التأويل فمن العلماء من "غلب جانب الحرمة الله ولرسوله فمنع التأويل مطلقًا" (٣).

فعلى هذا فلا يقبل التأويل فيما يتعلق بحق الله تعالى ورسوله وقال بعضهم مفرقًا بين الكلام الذي يؤول والذي لا يؤول: "إنما نؤول كلام من ثبتت عصمته حتى نجمع بين كلاميه لعدم جواز الخطأ عليه،


(١) بدائع الفوائد: ١/ ١٥.
(٢) تنبيه الغبي: ٢٢ - ٢٣، ومنع الجواز: ٥٢.
(٣) الشفا لعياض: ٢/ ٩٧٨، وتنبيه الغبي: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>