للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من لم تثبت عصمته فجائز عليه الخطأ والمعصية والكفر فنؤاخذه بظاهركلامه، ولا يقبل منه ما أول كلامه عليه مما لا يحتمله، أو مما يخالف الظاهر" (١).

فعلى هذا فالتأويل خاص بما وقع في الكتاب والسنّة مما ظاهره التعارض والسبب في أن الذين أجازوا التأويل في الكلام عامة قالوا بعدم جواز دخول التأويل فيما هو نص في مراد المتكلم لا يحتمل غيره، لأن ذلك كذب ظاهر على المتكلم وتحميل لكلامه ما لا يحتمله (٢).

ولا يوجد في العلماء من يجيز تأويل كل كلام بدون قيد ولا شرط.

و- ثم إننا لو أولنا كلام هؤلاء باحتمال المجاز العقلي فماذا نفعل بأعمالهم الشركية فهل يمكن تأويلها أيضًا؟ وإذا قلنا نؤول فبأي شيء نؤول سجودهم على أعتاب الأضرحة وطوافهم بالقباب، وذبحهم للقرابين وبذلهم للنذور؟ "فهل هذه الأعمال أيضًا مؤولة، لوقوعها عمن لا يعتقد التأثير مع أن هذه العبادات من خالص حق الله تعالى، وصرفها لغيره شرك؟ " (٣).

ز - إن فتح باب التأويل على مصراعيه يؤدي إلى فساد عظيم وخطر جسيم في اللغات والأديان ومصالح الدنيا، فأما فساد اللغات فإن "العبد لا يعلم ما في ضمير صاحبه إلا بالألفاظ الدالة على ذلك فإذا حمل السامع كلام المتكلم على خلاف ما وضع له، وخلاف ما يفهم منه عند التخاطب عاد على مقصود اللغات بالإبطال ولم يحصل مقصود المتكلم ولا مصلحة


(١) تنبيه الغبي ص: ٦٦ - ٦٧، ١٣٦، ١٩٦، ٢٥٣، والعقد الثمين للفاسي: ٢/ ١٩٠ - ١٩١ وقد ذكر الفاسي عن أبي زرعة ولي الدين ابن الحافظ العراقي أنه قال: " … وأمرنا أن نحكم بالظاهر وإنما يؤول كلام المعصومين" العقد الثمين: ٦/ ٣٥٢.
(٢) الصواعق المرسلة: ١/ ٢١٩.
(٣) صيانة الإنسان: ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>