للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأثير والتصرف وسيأتي قريباً نقل عباراتهم الصريحة في اعتقاداتهم وقد علم في علم البلاغة أن الكلام يحمل على الحقيقة إذا لم يعلم حال المتكلم، وأما إذا علم حاله كما هنا فيحمل على الحقيقة من باب أولى.

وعلى هذا فتأويلهم لكلام من يصرح بتصرفه في الكون، وإغاثته لمن يستغيث به في البر والبحر، وعلمه بحال المريد وخواطره.

وكذلك تأويلهم لكلام من يدعو الأموات معتقداً فيمن يدعوه السماع والعلم بحاله وضره ونفعه واستطاعته على الإغاثة .. إلخ فتأويل كلام هؤلاء لا يدخل تحت المجاز العقلي بل هو صريح وواضح أنه من الحقيقة العقلية.

ثم إن بعض علماء البلاغة ذكروا أن تقدير الفاعل الموجد المؤثر في نحو "سرتني رؤيتك" حيث قدر بعضهم "سرني الله وقت رؤيتك" -إن هذا التقدير تقدير لما لم يقصد في الاستعمال، ولا يتعلق به الغرض في التراكيب (١).

ومثل هذا المثال الإسناد الواقع في كلام الداعين لغير الله تعالى لأن المتكلمين به لا يقصدون تقدير الفاعل الذي هو الله تعالى، ولا يتعلق به الغرض في التركيب.

ويزيد هذا الوجه وضوحاً الوجه التالي:

ب - إن كل تأويل يعود على أصل النص بالإبطال فهو باطل (٢) ومن هذا القبيل تأويل كلام الداعين لغير الله، فإنه يوجد في كلامهم ما يدل صراحة على إخلاص الرجاء والرغبة للمدعو وحده، فلو أولنا كلامهم فقد أبطلنا تلك الدلالة الصريحة على إسناد الرجاء إلى الولي، والتأويل معناه إخبار عن مراد المتكلم لا إنشاؤه.


(١) حاشية الجوهر المكنون: ٤٨، ونحوه في التعليق على التلخيص: ٥٠ - ٥١.
(٢) مختصر الصواعق: ١/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>