للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ويعرف مراد المتكلم بطرق متعددة منها أن يصرح بإرادة ذلك المعنى، ومنها أن يستعمل اللفظ الذي له معنى ظاهر بالوضع، ولا يبين بقرينة تصحب الكلام أنه لم يرد ذلك المعنى، فكيف إذا حف بكلامه ما يدل على أنه أراد حقيقته وما وضع له؟ " (١).

وقد علمنا مراد بعض هؤلاء بما صرحوا به في كلامهم أنهم يريدون إسنادًا حقيقيًا فكيف نؤول كلامهم بما يبطل دلالته؟ وسيأتي سرد كلام بعضهم في مبحث صور من الدعاء غير المشروع" وفيه التصريح بإخلاص الاستغاثة بغير الله تعالى.

فتبين من هذا أن الذي يدعي صرف كلامهم عن ظاهره وحقيقته فقد ادعى معرفته لمراد كلامهم ومراد الواضع أيضًا، فإن لم تكن دعواه مطابقة المراد المتكلم والواضع - كان كاذبًا على المتكلم والواضع معًا (٢) ومراد هؤلاء الداعين للأموات بكلامهم واضح جدًا، قال النعمي:

"والذي يدل عليه سيرهم وأحوالهم القولية والفعلية أن ما يقع منهم عند التطام موج البحر ونازلة باغتة وجزئيات لا تنحصر - ليس من قبيل التوسل، بل لا يتبادر إلى أذهانهم ولا يخطر في أفكارهم إلا الولي وأما الله تعالى فمنسي أو يشرك معه الولي" (٣).

والذي بقي لله في عقائدهم هو الإمكان فقط دون الأثر (٤)، ومن هنا نستطيع أن نقول: "إن في هذه الألفاظ ما يتعذر أو يتعسر تأويله أو كلها كذلك" (٥).

والحاصل أن الحمل على المجاز العقلي إنما يجوز إذا: "لم يصدر


(١) المرجع نفسه: ١/ ٩٥.
(٢) بدائع الفوائد: ٤/ ٢٠٦.
(٣) معارج الألباب: ١٧٨.
(٤) المرجع السابق: ١٧١.
(٥) العلم الشامخ: ٥٩٠، وتنبيه الغبي: ١٥٩، والعقد الثمين للفاسي: ٢/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>