للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطلح المتعارف عليه بين الفقهاء المتأخرين من التفريق بين الكراهة والتحريم.

فاللائق حمل كلام أئمة السلف على ما هو مرادهم لا على مصطلحات المتأخرين وقد بيّن ابن القيم غلط المتأخرين على الأئمة، بسبب عدم مراعاة مراد الأئمة من إطلاق مثل هذه العبارات (١).

وقد نص علماء الحنفية على أن مراد الإمام في هذه العبارة السابقة -التحريم-.

قال ابن عابدين: "وتحمل الكراهة المذكورة على كراهة التحريم" (٢).

وقال غيره: "إن المروي عن محمد نصًا أن كل مكروه حرام إلا أنه لما لم يجد فيه نصًا قاطعًا لم يطلق عليه الحرام، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أنه إلى الحرام أقرب" (٣).

وبما تقدم يتبين أن الإمام أبا حنيفة لا يجيز الدعاء إلا بالله وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا وهذا هو التوسل الشرعي الوارد في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ ولهذا قال رحمه الله تعالى:

"والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾.

فرحم الله الإمام ما أدق فقهه، فقد فهم رحمه الله تعالى أن الدعاء

عبادة وأنه لا يجوز بغير المأذون فيه والمأثور عن النبي ، لأن العبادة توقيفية، وأن الدعاء بغير أسمائه الحسنى وصفاته العليا -غير مأذون فيه-.


(١) إعلام الموقعين: ١/ ٣٩ - ٤٣، ونحوه في العلم الشامخ ص: ١٠٢.
(٢) حاشية ابن عابدين على رد المحتار نقلًا عن ابن أمير حاج: ٥/ ٣٩٦.
(٣) الهداية: ٤/ ٧٨، وإعلام الموقعين: ١/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>