للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - قد ذكر علماء السنة والآثار أدعية الصحابة والتابعين فإذا بحثنا فيها فلا نجد توسلهم بحبيبهم المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عنهم، ولا نجد توسلهم بكبار الصحابة أبي بكر وعمر، فهل ترى أن المتأخرين يحبون النبي أكثر منهم؟ كلا.

٥ - إن التوسل بالذوات لو كان جائزاً عند الصحابة لما جاء الأعمى إلى الرسول بل جلس في بيته وتوسل بجاهه، ولما عدل عمر وَمن معه إلى العباس ولما أمر النبي عمر أن يطلب من أويس القرني الاستغفار بل كان يكفيه أن يقول: اللهم أني أسألك بحق أويس القرني (١).

٦ - أننا قد ذكرنا (٢) تشدد السلف الصالح في الأدعية وتحذيرهم الشديد من الابتداع في الدين عموماً وفي الأدعية خصوصاً وذكرنا -بحمد الله- ما يدل على أن الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأولى، وإن كان غير المأثور الذي هو المفضول جائزاً لكن السلف الصالح ومن تبعهم من الفقهاء المعتبرين حذروا من الأدعية المبتدعة، فدل هذا على أن التوسل المبتدع قد حذر منه السلف ضمناً، مع أنه لم يقع في زمانهم الابتداع بالتوسل ونحوه إلا بصورة نادرة إذا قارناه بما وقع للمتأخرين، هذا على فرض ثبوت ما يروى عن بعضهم من التوسل بالذاوات وإلا فيظهر أنه لم يقع التوسل المبتدع إلَّا في القرون المتأخرة.

فإذا كان السلف ينكرون على من يقول: يا سبحان يا غفران ونحو هذا (٣) مع أنه إنما نادى صفة من صفات الله وأراد التوسل بها إلى الله تعالى، فكيف يكون إنكارهم على من ينادي الولي أو القبر متوسلاً به إلى الله تعالى؟ بل كيف يكون إنكارهم على من يطلب المدد والاستغاثة من دون الله تعالى؟


(١) انظر معارج القبول: ١/ ٤٨٣.
(٢) انظر ص: ٥٦٩ - ٥٩٢.
(٣) شأن الدعاء للخطابي ص: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>