للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلف الذين أنكروا الابتداع في الأدعية الإمام مالك ومن فإنه كان يكره أن يقول الداعي يا سيدي بل يقول كما قالت الأنبياء يا رب، كما أنكر (١) غير هذا مما ابتدع في الدعاء في زمانه، فإذا كان مالك إمام دار الهجرة يكره في الدعاء إلا متابعة الأنبياء في قولهم مع صحة المعنى في نحو يا سيدي، فكيف تكون كراهة مالك للتوسل المبتدع بل ولطلب المدد؟ فلا يشك عاقل أن كراهته له أشد.

٧ - إن الذي يتوسل (٢) في الدعاء يعتقد أنه مشروع في الدعاء وينوي به التعبد والتقرب والطاعة وأنه مما يستجاب به الدعاء وما كان من هذا النوع فإما أن يكون واجبًا وإما أن يكون مستحبًا، إذ العبادات لا تكون إلا أحدهما، فما ليس بواجب ولا مستحب فليس بعبادة ودعاء الله تعالى عبادة، والتوسل بالذوات ليس بواجب ولا مستحب، فثبت بهذا كون التوسل بالذوات غير عبادة فهو إذن بدعة.

٨ - إن العلماء اختلفوا (٣) في مسألة دعاء الله تعالى والتوسل إليه بغير التسعة والتسعين اسمًا التي وردت في الحديث، فمن العلماء من قال: لا يدعي بغير التسعة والتسعين وإن كان يسمى بها ويخبر بها عنه، فالدعاء لا يجوز إلا بما في هذا العدد، فهذا القول وإن كان مرجوحًا لكن المقصود أنه إذا كان العلماء منهم من يجيز الدعاء بغير التسعة والتسعين مع ثبوت كونه من الأسماء الحسنى، دل هذا على تشدد العلماء في باب الدعاء وتحذيرهم عن الابتداع فيه، فيدل هذا على أنه لا يجوز من باب أولى دعاء الله تعالى بما لم يثبت كونه من الأسماء الحسنى ولا من صفاته نحو الأنبياء والأولياء، وذلك لأن الله تعالى قيد دعاءه بالأسماء الحسنى فقال: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠]. ففي هذه الآية أمر


(١) انظر ص: ٥٨٢، وانظر معنى الكراهة عند السلف ص: ٦٤٧.
(٢) انظر في هذا، قاعدة في التوسل: ٩٢، ١٠٧.
(٣) انظر في هذا الاختلاف: الفتاوى: ٦/ ١٤١ - ١٤٣، والفتاوى الكبرى المصرية: ١/ ٢١٦، وفتح الباري: ١١/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>