للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجابة بالنوال، ثم إن ما يفعله الوالد مع ولده من إجابته سؤاله ثم منعه، لا يليق بالله تعالى لما في ذلك من الخلف بالوعد أو الكذب والخداع والله سبحانه منزه عن ذلك.

الوجه السادس (١): إن الوعد المذكور خاص بالمؤمنين الصادقين المخلصين وأن الكمل من المؤمنين لا ترد دعوتهم.

واستدل أصحاب هذا الوجه بحديث الولي المشهور: "لئن استعاذني لأعيذنه ولئن سألني لأعطينه" (٢) وقالوا: إن من بلغ رتبة المحبة وكان الله سمعه وبصره يجاب له كل دعاء ويحصل بغيته على حسب إرادته (٣).

وقالت المعتزلة: إن الإجابة خاصة بالمؤمنين ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢] وذلك لأن وصف الإنسان بأن الله قد أجاب دعوته -هذا الوصف صفة مدح وتعظيم ألا ترى أنا إذا أردنا المبالغة في تعظيم حال إنسان في الدين قلنا: إنه مستجاب الدعوة، وإذا كان هذا من أعظم المناصب في الدين، والفاسق واجب الإهانة في الدين -ثبت أن هذا الوصف لا يثبت إلا لمن لا يتلوث إيمانه بالفسق، بل الفاسق قد يفعل الله ما يطلبه إلا أن ذلك لا يسمى إجابة الدعوة (٤) وإنما يسمى قضاء الحاجة.

وهذا الفرق بين المؤمن الصالح والفاسق في إجابة الدعاء غير صحيح لأمور:

١ - إن الله قد امتن على المشركين بأنه هو الذي


(١) انظر الإشارة إلى هذا الوجه في المنهاج للحليمي: ١/ ٥٤٢، وتفسير الرازي: ٥/ ١٠٩، وأضواء البيان للشنقيطي: ١/ ١٢١.
(٢) أخرجه البخاري: ١١/ ٣٤١ رقم ٦٥٠٢.
(٣) قطر الولي: ٤٦٤، ٤٢٤.
(٤) تفسير الرازي: ٥/ ١٠٩، وذكر في فتاوى قاضيخان: ٣/ ٤٢٩ هل يجوز أن يقال في دعاء الكافر يستجاب دعاؤه أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>