للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: إن إجابة الدعاء من مقتضى ربوبية الله تعالى لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم فهو يربيهم بالنعم، ومنها إجابة دعائهم وقضاء حوائجهم.

وهذا يقتضي أن الله يجيب دعاء الفاسق والعاصي والكافر فليس شرطًا أن يكون الداعي من المخلصين.

فمن هنا نقول: إن الإخلاص لله تعالى في الدعاء من الآداب المهمة لرجاء قبول الدعاء ومع هذا فقد يجيب الله تعالى في النادر لمن دعا غيره أو دعا دعاء بدعيًا كمن يدعو عند الأضرحة بخشوع واضطرار، وذلك إما استدراجًا وابتلاء وإما لاضطراره أو خشوعه وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالي (١).

ومن ذلك التوبة فهي من أهم الآداب التي تطلب للداعي ومع ذلك فقد يقبل الله دعاء العاصي والفاسق والكافر بل إبليس لما دعا الله تعالى أجابه الله، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: ٣٦ - ٣٨].

ومن آكد الآداب عدم التلبس بالحرام، لأن التلبس بالحرام من موانع الإجابة ولكن قد يوجد ما يمنع هذا المانع من منعه كما قاله ابن رجب (٢)، ونحوه قول الشوكاني: "إن ملابسة المعصية مقتضية لعدم الإجابة إلا إذا تفضل الله على عبده، وهو ذو الفضل العظيم" (٣).

الثالث: إن بعض العلماء أشاروا إلى عدم لزوم بعضها لإجابة الدعاء، وأن الدعاء جائز بدونها، وأنها آداب مكملة، وأنها أرجى للإجابة وهؤلاء إنما ذكروا ذلك في بعضها، وما لم يذكروا فيه فهو مثل الذي ذكروا، لأنها من باب واحد إلّا أن بعض ما ذكر فيما يتعلق بالشرط الذي


(١) سيأتي ص ٨١٤.
(٢) جامع العلوم والحكم ص: ١٠٠.
(٣) تحفة الذاكرين ص: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>