للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عدم الاعتداء قد يعد من الشرط الحقيقي وسيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى.

ومن هؤلاء العلماء البخاري فيما يتعلق باستقبال القبلة، فإنه عقد أولًا باب الدعاء غير مستقبل القبلة فأورد ما يدل على ذلك وهو حديث أنس بن مالك في استسقاء النبي في خطبة الجمعة، ثم عقد ثانيًا باب الدعاء مستقبل القبلة فذكر حديثًا يدل على ذلك (١).

ومنهم أبو عبد الله الحليمي فإنه ذكر الآداب التي للدعاء والأحوال والمواطن ثم قال: "إنها أسباب تقوي الرجاء بالله جل ثناؤه وفي إجابة الدعاء، لا أن الدعاء لا يقبل إلَّا عندها فمن عرضت له حاجة في غيرها فلا ينبغي له أن يمتنع من الدعاء خيفة الرد، بل يدعو قوى الرجاء، حسن الظن بالله تعالى فإنه يستجيب دعاءه بجوده وكرمه" (٢).

ومنهم القرطبي فإنه ذكر الاختلاف في رفع اليدين في الدعاء ثم قال: "قلت: والدعاء حسن كيفما تيسر، وهو المطلوب من الإنسان لإظهار موضع الفقر والحاجة إلى الله ﷿، والتذلل له والخضوع، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن، وإن شاء فلا، فقد فعل ذلك النبي حسبما ورد في الأحاديث، وقد قال تعالى: ا ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: ٥٥]، ولم يزد صفة من رفع يدين وغيرها وقال: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا﴾ [آل عمران: ١٩١]، فمدحهم ولم يشترط حالة غير ما ذكر، وقد دعا النبي في خطبته يوم الجمعة وهو غير مستقبل القبلة" (٣).

ونحو كلام القرطبي هذا ما ذكره المناوي من أن عدم رد الله تعالى


(١) انظر البخاري مع الفتح: ١١/ ١٤٣ - ١٤٤ باب رقم ٢٤ ورقم ٢٥.
(٢) المنهاج في شعب الإيمان: ١/ ٥٤٠.
(٣) الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>