للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيرة المحسنين، وقضى الحقَّ فيما حمل من النعم، وألبس من العافية والكرامة، ولا تحقرنَّ ذنبا، ولا تمالئَنَّ حاسدا، ولا ترحمنَّ فاجرا، ولا تصلَنَّ كفورا، ولا تداهِنَنَّ عدوا، ولا تصدقَنَّ نمَّاما، ولا تأمننَّ غدَّارا، ولا توالينَّ فاسقا، ولا تتبعنَّ غاويا، ولا تحمدنَّ مرائيا، ولا تحقرنَّ إنسانا، ولا تردنَّ سائلًا فقيرا، ولا تجيبنَّ١ باطلا، ولا تلاحظنَّ مضحكا، ولا تخلفنَّ وعدا، ولا تزهونَّ فخرا، ولا تظهرنَّ غضبا، ولا تأتينَّ بَذَخا٢، ولا تمشينَّ مرحا، ولا تركبنَّ سفهًا٣، ولا تفرِّطنَّ في طلب الآخرة، ولا ترفع للنمام عينا، ولا تُغْمِضَنَّ عن الظالم رهبة منه أو مخافة، ولا تطلبنَّ ثواب الآخرة بالدنيا، وأكثر مشاورة الفقهاء، واستعمل نفسك بالحلم، وخذ عن أهل التجارب، وذوي العقل والرأي والحكمة، ولا تُدْخِلَنَّ في مشورتك أهل الدقة٤، والبخل، ولا تسمعنَّ لهم قولا، فإن ضررهم أكثر من منفعتهم، وليس شيء أسرع فسادا لما استقبلت في أمر رعيتك من الشُّح، واعلم أنك إذا كنت حريصا كنت كثير الأخذ قليل العطيَّة، وإذا كنت كذلك لم يستقم لك أمرك إلا قليلا، فإن رعيتك إنما تعتقد على محبتك، بالكفِّ عن أموالهم وترك الجور عنهم، ويدوم صفاء أوليائك لك، بالإفضال عليهم وحسن العطيَّة لهم، فاجتنب الشُّح، واعلم أنه أول ما عصى به الإنسان ربه، وأن العاصي بمنزلةِ خزيٍ، وهو قول الله عز وجل: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، فسِّهل طريق الجود بالحق، واجعل للمسلمين كلهم من نيتك حظا ونصيبا، وأيقنْ أن الجود من أفضل أعمال العباد، فأعْدِدْه لنفسك خلقا، وارضَ به عملًا ومذهبا، وتفقد أمور الجند في دواوينهم ومكاتبهم، وأدرر عليهم أرزاقهم، ووسِّع عليهم في معايشهم؛ ليذهب بذلك الله فاقتهم، ويقوِّم لك أمرهم، ويزيد به قلوبهم في طاعتك وأمرك خلوصا وانشراحا، وحسب ذي سلطان


١ وفي المقدمة: "ولا تحسنن باطلا".
٢ البذخ: الكبر.
٣ وفي المقدمة: "ولا تزكين سفيها".
٤ وفي المقدمة: "أهل الرأفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>