للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كالذي يطلع من لبنان، ويدوم ذكره إلى الأبد. وإن اسمه لموجود قبل الشمس، وكلّ الأمم يتبركون به ويحمدونه"١. وهذه كلّها صفاته وصفات أمته وقد أخبر داود بتأبيد شرعه وتأييده وأنه لا نبيّ بعده وأنه خاتم الأنبياء.

- البشرى السّادسة عشرة:

قال داود في مزمور من المزمور الثاني له وتنبأ به على اتّساع خطة الإسلام: "أنت ابني وأنا اليوم ولدتك. سلني أعطيك. الشعوب ميراثك. وسلطانك إلى أقطار الأرض. ترعاهم بقضيب من حديد. ومثل آنية الفخار تسحقهم"٢.

قال مؤلِّفه: اعلم أنه لا يتصور من عارف صرف هذا المزمور عن سيّدنا محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأنه عليه السلام هو الذي ورث الشعوب كلّها وبلغ سلطانه إلى أقطار الأرض ورعى الأمم وحاطهم بسيفه. ولا يمكن صرف هذا المزمور إلى داود؛ لأنه لم يرث سائر الشعوب / (٢/١٠٥/ب) ولا بلغ سلطانه إلى أقطار الأرض، إذ ما ملك سوى ناحية من الأرض وهي البيت المقدس. ثم خرجت من بعده إلى أمة هذا النبيّ والأقطار والنواحي. وقد بلغ سلطان محمّد عليه السلام جوانب الدنيا وأطراف العالم ففتح الله عليهم الحجاز واليمن والحبشة والنوبة والهند والسند إلى الصين. ودوخت أمته الشام والعراق وفارس إلى الترك. وافتتحوا أرض مصر والمغرب الأقصى إلى بحر طنجة. فقد ورث محمّد سائر الشعوب وبلغ سلطانه إلى أقطار الأرض. فصارهذا المزمور مضاهياً لبشرى يعقوب في التوراة بمحمّدصلى الله عليه وسلم الذي نقلناه.


١ مزمور ٧٢/١٦-١٧، ونصّه كالآتي: "تكون حفنة بر في الأرض في رؤوس الجبال تتمايل مثل لبنان ثمرتها. ويزهرون من المدينة مثل عشب الأرض. يكون اسمه إلى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه. ويتباركون به كلّ أمم الأرض ويطوبونه".
وقد تقدم ذكر مقدمة هذه البشارة في (البشرى الثّالثة عشرة) . ر: الدين والدولة ص ١٤١.
٢ مزمور ٢/٧-٩، نقل هذه البشارة القرافي في الأجوبة الفاخرة ص ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>