فلو رأيتهم لذاب قلبك فزعًا ورعبًا من سوء خلقهم ولخرجت روحك من نتن رائحتهم فيكف لو نظرت نفسك وأنت فيهم وقد زال من قلبك الأمل والرجاء ولزمك القنوط والإياس فمثل نفسك لعلك أن تتأثر فتستعد للقاء الله.
ونظرت إلى النار وهي تشتعل في أجزاء بدنك فتدخل أذنيك وعينيك ولا تقدر على إبعادها عنك لملازمتها لك قال الله تعالى:{إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}[الفرقان: ٦٦] . فهناك يغلب على قلبك التأسف والحسرات والندامة قال جل وعلا وتقدس:{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}[مريم: ٣٩] .
فتصور تلك الأهوال والعظائم بعقل فارغ وعزيمة صادقة وراجع نفسك ما دمت في قيد الحياة وتب إلى الله توبة نصوحًا عن ما يكره مولاك وتضرع إليه وابك من خشيته لعله يرحمك ويقيل عثرتك فإن الخطر عظيم والبدن ضعيف والموت منك قريب.