فإذا مرو بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعًا وتطلعت نفوسهم إليها شوقًا وظنوا أنها نصب أعينهم وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلبوهم وظنوا أن زئير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء.
قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم، لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير فهم لنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون إذا زكي أحدهم خاف مما يقال فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي من نفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون.
فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين وحزمًا في لين وإيمانًا في يقين، وحرصًا في علم، وعلمًا في حلم وقصدًا في غنى وخشوعًا في عبادة وتحملاً في فاقة وصبرًا في شدة وطلبًا في حلال، ونشاطًا في هدى وتحرجًا عن طمع.
يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر يبيت حذرًا ويصبح فرحًا، حذرًا لما حذر من الغفلة، وفرحًا بما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يعطها سؤلها فيما تحب.