للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما اتباع الهوى ومغالبة الخصم أو حب الظهور، فمكابرة وتعنت وبطر للحق وسبب لغضب الله، كاليهود حين عرفوا الحق فأنكروه فغضب الله عليهم ولعنهم، وكقوم إبراهيم (حين ناظرهم وحاجهم ولكن لم يكن منهم إلا العناد والتعنت والمكابرة، كما قال تعالى: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربّه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت، قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدى القوم الظالمين ((البقرة ٢٥٨) .

يذكر القرآن الكريم لنا مناظرتين ومحاجتين جرتا بين الخليل إبراهيم (وبين قومه:

فالأولى: دارت مع ذلك العنيد نمرود، لإثبات قدرة الله وتصرفه المطلق فى الملك والملكوت، بأسلوب يتسم بالرفق واللين والتحاور المثمر، لغرض عرضها على النبي (وعلى المسلمين في أسلوب التعجب لبيان حال هذا الكافر الذي (آتاه الله الملك (فبطر وكفر وأورثته النعم الكبر والعتو، فوضع هذه المحاجة القبيحة موضع ما يجب عليه من الشكر، وادعى لنفسه ما هو من اختصاص الرب.

وقد احتج إبراهيم (على نمرود بظاهرتين متكررتين في كل لحظة، وبألصق شيء لحس الإنسان، وهما في الوقت نفسه من الأمور التي لا يقدر عليها غير الله تعالى، ومن الأسرار التي خفيت على العقل إدراك حقيقتها، ذلك لأنه لا سبيل إلى معرفة الله تعالى إلا بواسطة أفعاله التي لا يشاركه فيها أحد، ومن ثَمّ عرّف إبراهيم ربّه بالصفة التي لا يمكن أن يشاركه فيها أحد ولا يمكن أن يزعمها أحد وهو بربوبية الله تعالى، فقال: (ربي الذي يحيي ويميت (.

<<  <  ج: ص:  >  >>