للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنتيجة شهود حضاري للإنسان، وجمالية في المكان، واتساق واعتدال وتوازن في كل شيء (١) .

٣ - المدينة:

المدينة في الوعي الثقافي المعاصر في الغرب والشرق ذات صورة قاتمة، فهي أحد نتائج العلم الحديث بكل مساوئه ومحاسنه، إذ شهدت المدن الحديثة في العالم ويلات الحروب، واصطدمت بلهيبها المحرق، وغاصت في دخان المصانع، ونفاياتها، وقام التصميم العمراني فيها على “ الوحدة ” أكثر من الاندماج الذي كان موجوداً في القرية بامتدادها الأفقي، وأفنيتها المفتوحة، وبيوتها المتلاحمة، فانكمشت العلاقات الإنسانية، وتقطعت أواصر القربى. ولهذا حين نفتش عن صورة المدينة في الوعي الشعري - مثلاً - وهو بطبيعته وعي مرهف - نجدها تعجّ بالاغتراب، والجدران العالية والبهرج الخادع، والإيقاع اللاّهث، والخوف، وأوكار البغايا، وشريعة الغاب (٢) .

وهذه هي صورة المدينة عند حمزة شحاتة ((منطق الغابة هو واقع المدينة بزيادة طفيفة هي القانون)) (٣) .

منطق الغابة هو الذي سوّغ لبعض أقارب حمزة الاستيلاء على أمواله في ((صفقتين ماديتين فادحتين في حياته)) (٤) ، حيث وضع ما يدخر من المال في يد أحد أقاربه ليقوم باستثماره فغدر به، وما إن استرد أنفاسه حتى وقع في قبضة أحد أصدقائه. هذا المنطق هو الذي أوقعه في حبائل الاقتران بالمرأة ثلاث مرّات تنتهي جميعها بالطلاق (٥) .


(١) نفسه ص ٩١.
(٢) انظر على سبيل المثال المدينة في الشعر العربي الحديث، الدكتور: مختار علي أبو غالي، الكويت: عالم المعرفة ١٤١٥ هـ / ١٩٩٥ م، ص ١٤ وما بعدها.
(٣) رفات عقل ص ٤٥.
(٤) الخطيئة والتكفير ص ٢١٠.
(٥) المرجع نفسه ص ٢٠٨ - ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>