للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا تفشل المدرسة في بناء الرجال الفضلاء، وإن علمتهم الأخلاق (١) . والسبب “ الجهل بعلم التربية ” ((الدراسة عندنا لا تزال قائمة على حشو الذهن بالمعلومات والقواعد، وعلى إرهاق الطفل، وكبت نزعاته النفسية والوجدانية، وها نحن نرى آثار هذه العيوب في “ انمحاء آثار الشخصية ” من جميع من تخرجهم المدارس، وفي كلال أذهانهم، وأعصابهم، وفتور حيويتهم الفكرية. فلا نكاد نجد أثراً لنشاط الفتوّة في نفوس أبنائنا.. فالغلام عندنا مطبوع بطابع الكهل، والشاب مطبوع بطابع الشيخ الهرم)) (٢) .

المدرسة بهذه الصورة القاتمة نتيجة للفراغ بين الكائن والمكان، وانعدام التفاعل وفتور العلاقة بين المعلم والمدرسة، فاختيار المربي الفاضل مسألة في غاية الخطورة، ((وإذا كانت طبيعة حياتنا قد أفقدتنا الأب والأم الرشيدين فلا أقلّ من أن تعوّضنا التربية المدرسية أساتذة يقودوننا بحكمة وخبرة ليعدّلوا ما فينا من اعوجاج)) (٣) .

هذا الفراغ الوجداني جعل مدارسنا ((معامل تفريخ كل غايتها أن تدفع عدداً من حملة الشهادات، لا يعرفون فناً تجريبياً، ولا علماً عمليّاً، ولا صناعات يدوية، تفتح في الحياة ميادين نشاط جديدة، غير ميدان الوظيفة، والمكتب، والديوان)) (٤) .

وجعل الحياة فيها ضرباً من “ ضروب النعاس الثقيل ” (٥) .

وجمالية المكان إنما تتحقق بعلاقة جديدة بين كائنات المكان، حيث تصبح تربية البيت حرّية فاضلة، لا زواجر فضة، وتربية المدرسة عملاً وإدراكاً وممارسة لا آليات فكريّة، وقواعد مكرورة (٦) .

هذه العلاقة الجديدة هي التي حشدت لها إنجلترا أعظم رجالها من ساسة وأدباء وفلاسفة وعلماء وفنانين فكان القرار في عشرين مجلداً ضخماً (٧) .


(١) المرجع نفسه ص ٩٢.
(٢) نفسه ص ١١٠ - ١١١.
(٣) نفسه ص ١١١.
(٤) نفسه ص ١١١.
(٥) حمار حمزة شحاتة ص ٤١.
(٦) الرجولة عماد الخلق الفاضل ص ٩٢.
(٧) المرجع نفسه ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>