والصفة الأخرى من صفات هذا الصوت أنه صوت احتكاكي Fricative وهو الصوت الذي يحدث في نطقه اعتراض لمجرى الهواء يؤدي إلى تضييقه دون أن ينحبس ذلك الهواء حبساً محكماً، ويحدث مع هذه الحالة نوع من الحفيف أو الصفير ناتج عن احتكاك تيار الهواء بجدران الممرات الصوتية، وهذا الصوت هو ما عرف عند القدماء بالصوت الرخو (٤٢) ، وقد وضح ابن جني معنى الرخو فقال:"والصوت الرخو هو الذي يجري فيه الصوت، ألا ترى أنك تقول: المسّ والرّشّ والشّحّ ونحو ذلك فتمد الصوت جاريا مع السين والشين والحاء (٤٣) ". إنه الصوت الذي يجري النفس فيه من غير تردد وهو صوت من الصدر (٤٤) . ويعده ابن جني من الأصوات المنخفضة في مقابل الأصوات المستعلية (٤٥) ، والاستعلاء هو ارتفاع اللسان إلى الحنك (٤٦) . إضافة إلى ذلك فقد ذكر كانتينو أن بعض المؤلفين المتأخرين في الزمن يضيفون الهاء والعين إلى الحروف المستعلية (٤٧) . وما ذكره كانتينو هنا يغاير الحقيقة ويخالف طبيعة نطق الهاء، إذ أن نطق الهاء يتم واللسان في قاع الفم ولا يرتفع إلى الحنك بشكل من الأشكال، كما أن كانتينو نفسه ذكر أن "الهاء من الأصوات الهاوية aspirees وهي الأصوات التي الانفتاح فيها أكبر ما يكون، أي التي ينفتح فيها جهاز التصويت انفتاحاً عادياً فيجري النفس جرياً (٤٨)" وهذا يعني أن اللسان حال نطق هذا الصوت لا يتحرك ولا يشترك في نطقه لأن الهاء "صوت غير لساني أي أنه صوت لا يشترك اللسان في نطقه بصفته ناطقاً متحركاً (٤٩) ". وقد اعتبره محمد الخولي صوتاً موشوشاً whispered voice والصوت الموشوش هو الصوت الناتج عن تضييق لفتحة المزمار وتقارب للوترين الصوتيين، ويصاحب ذلك اندفاع كبير للهواء الخارج من الرئتين، كل ذلك يؤدي إلى ذبذبة للوترين الصوتيين يصاحبها حفيف مسموع وفي أثناء هذه العملية النطقية "تصبح الأصوات المجهورة موشوشة أما المهموسة فتبقى كما هي (٥٠) "، وهذا ما جعل بعض العلماء في