نرى أن القدماء اعتبروا مخرج الهاء من الحلق، ولم يشيروا أية إشارة إلى الحنجرة في هذا المقام، وهذا يخالف كثيراً من علماء العصر الحديث الذين يذهبون إلى أن مخرج الهاء هو الحنجرة. وربما كان السبب في هذا أن القدماء لم يستطيعوا ان يحددوا الحلق – وهو الجزء الواقع بين الحنجرة والفم – تحديداً دقيقاً فاتسع هذا الجزء ليشمل الحنجرة. وهم معذورون في هذا باعتمادهم في دراساتهم على الملاحظة الذاتية، ولم يتوفر لديهم ما توفر لعلماء العصر من معدات وأجهزة قادرة على تحديد كل جزء من أجزاء الجهاز النطقي. ويبرر كمال بشر هذا القصور من القدماء بأنه إما أن يكون راجعاً لعدم استطاعتهم التفريق بين مخارج الأصوات، وإما لأنهم اعتبروا الحنجرة ضمن الحلق (٤٠) . ومهما يكون من أمر فإن عدداً من العلماء في العصر الحديث – بما يملكون من وسائل وأجهزة علمية متطورة – قد خفي عليهم ما خفي على قدمائنا، وعدوا مخرج الهاء من الحلق كما فعل القدماء (٤١) .