العصر الحديث يعدون صوت الهاء ضمن الأصوات المجهورة (٥١) . وتحوله أحياناً إلى صوت مجهور عند استعماله كما يذكر تمام حسان يدخل في نطاق علم الأصوات السلوكي (٥٢) .
هكذا نرى أن صوت الهاء لضعفه وخفته وسهولة نطقه ظهرت له عدة صفات نطقية خفيت على عدد من العلماء في القديم والحديث وأوقعتهم في حيرة من أمر هذا الصوت، ولم يتمكنوا من تحديد مواضع نطقه بدقة تامة، ترتب على ذلك تباين آرائهم وتعارضها بالنسبة لهذا الصوت.
وقد ظهرت الهاء بصفات متباينة وفي مواقع مختلفة، أطلق على كل وضع منها اسماً خاصاً وهذه الصفات والأسماء هي:
هاء الوقف أو السكت أو الاستراحة:
وهي الهاء التي تلحق أواخر بعض الكلمات عند الوقف عليها، وعزا العلماء ظهور هذه الهاء في نهاية تلك الكلمات لغرض تبين وإظهار صوت المد الذي في نهاية الكلمة. ويمكن تعليل ظهور هذه الهاء بأنها امتداد للصوت الخارج من الرئتين، الذي يكون الإنسان قد حشده للنطق، وبعد انتهاء النطق المطلوب يزفر الناطق ما تبقي من ذلك الهواء الذي احتشد في الفم فيسمع صوت الهاء الذي هو نفس.
وقد تحدث سيبويه عن الوقف بهاء السكت في مواضع كثيرة نوجزها فيما يلي:
في الفعل الأمر الذي بقي على حرف واحد فلا يستطاع أن يُتَكلَّم به في الوقف وذلك قولك: عِهْ وشِهْ، وكذلك جميع ما كان من باب وعي يعي، فإذا وصلت قلت: عِ حديثاً، وشِ ثوباً (٥٣)
آخر الفعل المعتل في حال الجزم نحو: ارْمِهْ، ولم يَغْزُهْ (٥٤) .
في المضارع الذي بقي على حرف واحد، نحو: لاَتقِهْ من وَقَيْتُ، وإن تَعِ أَعِهْ، ومن وَعَيْتْ (٥٥) .
نون الاثنين والجمع، مثل: هما ضارِبانِهْ، وهم مُسْلمِوُنَهْ، وهُنَّهْ، وضَرَبْتُنَّهْ (٥٦) .
في بعض الظروف مثل: أين وثم، يقال: أَيْنَهْ، وثَمّهْ (٥٧) .
في اسم الفعل هَلمَّ، يقال: هَلُمَّهْ ومنه قول الشاعر: يا أَيُّها النَّاسُ أَلاَ هَلُمَّهْ (٥٨) .