وخلاصة القول في ذلك أنّ من المعجميين القدماء من أخذ بمنهج الخليل بن أحمد، وطريقته في جمع مادته المعجمية، ومنهم من أخذ بمنهج ابن در يد والجوهريّ: فاقتصر على المشهور أو الصحيح، ولعلّ النّاظر في المعاجم اللغويّة القديمة يدرك من أسمائها غرض أصحابها، وطريقة جمع مادتها، فكل اسم يوحي تقريباً بذلك.
مصادر جمع المادة المعجمية:
أما مصادر جمع المادة المعجمية لدى القدماء فيمكن حصرها في مصدرين:
أحدهما: السماع والمشافهة عن العرب، وممن اعتمد هذا المصدر الخليل ابن أحمد –رحمه الله- في كتاب (العين) حيث نصّ الليث في مقدمته - كما أسلفنا- أنّ الخليل كان يملي عليه ما يحفظ وما شكّ فيه يقول له سل عنه، والخليل من أوائل العلماء الذين عاصروا جمع اللغة، وسمع عن الأعراب خاصة في الحجاز ونجد وتهامة، يضاف إلى هذا ما نجده في أثناء كتاب (العين) من روايات عن بعض من عاصر الخليل أو جاء بعده، وروى عن العرب: كالأصمعي وأبي عبيدة وسيبويه ويونس وأبي زيد وغيرهم من الأعراب الذين كان يعوّل عليهم في رواية اللغة كأبي الدقيش وعرام وزائدة وأبي ليلى.
وممن اعتمد السماع والمشافهة من المعجميين القدماء الأزهريّ في (التهذيب) فقد ذكر في مقدمته أنّ من دواعي تأليفه ((تقييد نكت حفظها ووعاها عن العرب الذين شاهدهم وأقام بين ظهرانيهم سُنيّات)) (٣٩) .
ويقول في موضع آخر:((ولم أُوْدِعْ كتابي هذا من كلام العرب إلا ماصحّ لي سماعاً منهم، أو رواية عن ثقة أو حكاية عن خطّ ذي معرفة ثاقبة اقترنت إليها معرفتي)) (٤٠) .