إذن فالله موصوف بالرضا، وهو كمال في حقه - سبحانه -، بل صفة الرضا في حقه - سبحانه - أكمل من صفة الرضا في حق المخلوق، بل رضا الله - سبحانه وتعالى - لايماثل رضا المخلوق، فإذا كان المخلوق منزهاً عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم أو اللفظ فالخالق -سبحانه- أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت موافقة في اللفظ
إذن فالله - سبحانه وتعالى - متصف بصفة الرضا، وهي صفة كمال لاتماثل صفات المخلوقين، ونفيها عنه نقص ولايجوز أن يوصف بالنقص، أو يعطل من الكمال.
الثاني: الله - سبحانه وتعالى - وصف نفسه بالرضا في آيات كثيرة، وكذلك وصفه بها الرسول - (- كما تقدم وهي صفة كمال لائقة به - سبحانه -، فيكون نفيها تعطيلاً وردّاً للنصوص الشرعية وإلحاداً في آيات الله - سبحانه - كما قال - سبحانه -: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيءَايَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} (١) وإلحاد في أسمائه: {وَلِلَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(٢) وتعطيل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات صفة الرضا بالمعنى اللائق به - سبحانه - تكذيب لهما، وتعطيل لما يستحقه الرب - سبحانه - من الكمال (٣) ، والجحود بها كفر؛ لأنه رد لخبر الله وكفر بكلامه - سبحانه -، ومن كفر بحرف متفق عليه فهو كافر.
قال الشافعي: {لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه، لايسع أحداً من خلق الله - تعالى - قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله - (- القول بها، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله - تعالى -، فأمَّا قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لايدرك بالعقل، ولا بالرؤية ولا بالفكر} (٤) .