٣) - أنهم يثبتون لله الصفات إثباتاً بلا تمثيل، فلايمثلونها بصفات خلقه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ} ؛ ولأن العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، والله تعالى - لا يَعْلَمُ كيفية ذاته إلاَّ هو فالكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أن لله ذاتاً لاتشبه الذوات، فكذلك له صفات لاتشبه الصفات.
٤) - وكما أنهم يثبتون لله الصفات التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، من غير أن يشبهوها بصفات خلقه فهم كذلك ينزهون الله عن النقائص والعيوب، تنزيهاً لايفضي بهم إلى نفي صفاته وأسمائه الحسنى بتأويل معانيها أو تحريف ألفاظها عن مدلولها؛ كما يفعله المؤوّلة، فمذهبهم في ذلك وسط بين التمثيل والتعطيل، فتجنبوا التعطيل في مقام النفي والتنزيه، وتجنبوا التشبيه في مقام إثبات الصفات فسلموا من الإفراط والتفريط، ومن الغلو والتقصير:(الغلو للمشبهة والتقصير للمعطلة) .
٥) - طريقتهم فيما يثبتونه لله من الصفات وما ينفونه عنه من النقائص هي: الإجمال في النفي، والتفصيل في الإثبات، دل على ذلك الكتاب والسنة، كما في قوله - تعالى -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(١) فأجمل في النفي، وهو قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وفصّل في الإثبات، وهو قوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، وكما ذكر في آية الكرسي، وسورة الإخلاص، وغيرهما.