للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (١) ، فقوله - سبحانه -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} نفي ورد للتمثيل والتشبيه وقوله - عزّوجل -: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} مناقض للإلحاد والتعطيل (٢) .

فهذا المذهب يقوم على أسس سليمة هي:

١) - أن أسماء الله وصفاته توقيفية، فما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - (- وجب إثباته وما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله وجب نفيه، أمَّا ما لم يرد فيه نفي ولا إثبات، كالعرض (٣) ، والجسم (٤) والجوهر (٥) . فيتوقفون فيه: لايثبتونه ولاينفونه.

٢) - أن ما وصف الله به نفسه فهو حق على حقيقته، ليس فيه لغز ولا أجاج، بل معناه يعرف حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه، فهم يثبتون ألفاظ الصفات ومعانيها التي تدل عليها هذه الألفاظ.

وبهذا الاعتبار فليس ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله، أو بعضه من المتشابه الذي لايعلم تأويله إلاَّ الله ويجب تفويض معناه إليه؛ لأن هذا معناه جعل أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لايُفهم، والله تعالى قد أمرنا بتدبر القرآن كله، وحضنا على عقْلِه وفهمه فكيف يجوز مع ذلك أن يُراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته؛ لأن هذا معناه أنه أمرنا باعتقاد ما لم يوضحّه لنا - تعالى الله عن ذلك -، فمعاني الصفات معلومة عند السلف وكيفيّتها مجهولة والإيمان بها واجب، والسؤال عن كيفيتها بدعة.

وعلى هذا فألفاظ الصفات من قبيل المحكم، وليست من المتشابه، فإن معناها واضح ومعروف في لغة العرب التي نزل بها القرآن، وأمَّا كيفيتها فمما استأثر الله - تعالى - بعلمه، ومن نسب إلى السلف إدخال أسماء الله وصفاته أو بعضها في المتشابه، وأنهم يفوضون معناها فقد كذب عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>