للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: كونها بين شيئين متلازمين ليسا جارا ومجرورا، نحو١: "ما كان أحسن زيدا"، وقول بعضهم: "لم يوجد كان مثلهم" وشذَّ قوله٢: [الوافر] .


= وجملة جواب الشرط محذوفة؛ لدلالة الكلام عليها، والتقدير: إذا تهب شمأل بليل فأنت ماجد نبيل.
موطن الشاهد: "أنت تكون ماجد".
وجه الاستشهاد: زيادة "تكون" بين المبتدأ والخبر، وهي بلفظ المضارع، وزيادتها في هذه الحالة قليلة؛ لأن الثابت زيادتها وهي بلفظ الماضي، واعتبار زيادتها هنا شاذة قول ابن الناظم، وتبعه ابن هشام، ومن جاء بعدهما من شراح الألفية، وهما تابعان في ذلك لابن السيد، وأبي البقاء، وقال بعضهم: إن "تكون" عاملة، واسمها ضمير مستتر وجوبا، تقديره: أنت، وخبرها محذوف، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر. ومما جاء بزيادة "تكون" بلفظ المضارع، قول حسان بن ثابت:
كأنْهُ سبيئةٌ من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماءُ
فعلى رواية رفع "مزاجها عسل وماء" على أنها جملة من مبتدأ وخبر في محل رفع صفة لـ "سبيئة" فذهب بعضهم إلى زيادة "يكون" على هذه الرواية، وذهب بعضهم إلى أن يكون" عاملة، واسمها ضمير شأن محذوف، ومزاجها عسل وماء، من المبتدأ والخبر، في محل نصب خبرها.
١ ليس المراد بزيادتها أنها لا تدل على معنى البتة، بل إنها لم يؤتَ بها للإسناد، وإلا فهي دالة على المضي، ولذلك كثرت زيادتها بين ما التعجبية، وفعل التعجب، لكونه سلب الدلالة على المضي، قال الدنوشري: قال بعضهم: زيدت "كان" قبل فعل التعجب، لتدل على أن المعنى المتعجب منه، كان فيما مضى، وهو عوض عما منع منه فعل التعجب من التصرف، وإنما اختصت كان بهذا دون سائر الأفعال الماضية؛ لأنها أم الأفعال، فلا تنفكّ عن معناها غالبا. ومن أمثلة زيادة "كان" بين ما التعجبية، وفعل التعجب، قول الشاعر:
لله در أنوشروان من رجل ... ما كان أعرفه بالدون والسفل
ونحو قول شاعر الحماسة:
أبا خالد ما كان أدهى مصيبة ... أصابت معدا يوم أصبحت ثاويا
ونحو قول عروة بن أبي أذينة:
ما كان أحسن فيك العيش مؤتنفا ... غضا، وأطيب في آصالك الأصلا
انظر شرح التصري؛ ١/ ١٩١-١٩٢. والأشموني مع الصبان: ٢٣٩-٢٤١، وابن عقيل "دار الفكر": ١/ ٢٢٣-٢٢٦.
٢ لم ينسب إلى قائل معين.

<<  <  ج: ص:  >  >>