للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه إذا علم أنّه يفعله ولو بالعلم الضروري، فإنّما ذلك لأنه واقع. ولو قُدِّر أنّ رجلاً ظنّ أنّ الله لا يفعل ما سيفعله ممّا ليس فيه ذم؛ مثل أن يظنّ أنّه يموت بعد شهر، لم يقل إنّ هذا ظنّ سوء، وإنّما يكون ظنّ سوء، إذا كان المظنون عيباً قبيحاً، لا يجوز أن يضاف إلى المظنون به، ومنه قوله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَت الأَبْصَارُ وَبَلَغَت القُلُوبُ الحَنَاجِر وَ [تَظُنُّونَ] ١ بِاللهِ [الظُّنُونَا] ٢} ٣؛ فهذا ذمّ لمن ظنّ بالله [الظنونا] ٤

ومن ذلك: قوله تعالى: {أَفَنَجْعَل المُسْلِمِينَ كَالمُجْرِمِينَ مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ٥ , وهذا يقتضي أن هذا ممتنع عليه. ومن حكم بجوازه، فقد حكم حكماً باطلاً جائراً ممتنعاً، كالَّذين جوّزوا أن تكون له بنات، وهم يكرهون أن تكون لهم بنات، فيجوز على الله ما هو قبيح عندهم؛ قال تعالى: {وَيَجْعَلُونَ [للهِ] ٦ البَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدَّاً وَهُوَ كَظِيم يَتَوَارَى مِنَ القَومِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ في التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ٧.

وممّا يُبيِّن حكمته، أن تقول: أفعاله المحكمة المتقنة دلّت على علمه.


١ في ((م)) ، و ((ط)) : يظنون.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) رسمت: الظنون.
٣ سورة الأحزاب، الآية ١٠.
٤ في ((ط)) : الظنون.
٥ سورة القلم، الآية ٣٥-٣٦.
٦ ما بين المعقوفتين ساقط من ((خ)) .
٧ سورة النحل، الآيات ٥٧-٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>