للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكما أنّ القدر يجب الإيمان به، ويُعلم أن كلّ ما كان، قد سبق به علم الرب، فكذلك يُعلم أنّه لا بُدّ أن ينصر رسله والذين آمنوا. وكما أنه لا يجوز أن يقع خلاف المقدّر، فلا يجوز أن لا ينصر رسله والذين آمنوا.

ومثله: قوله [تعالى] ١ فيما أنزله عام الحديبية، لمّا ظنّ ظانون أن الرسول وأتباعه لا يُنصرون، فقال تعالى: {وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشْرِكينَ وَالمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيراً} ٢. وهذا يدلّ على أن هذا ظن سوء بالله، لا يجوز أن يظن به أنّه يفعل ذلك.

ومن ينفي الحكمة٣ يقول: يجوز عليه فعل كل شيء، وليس عنده ظنّ سوء بالله.

جوابان لمن يظن بالله ظن السوء

وإن قيل: لمّا أخبر أنه ينصره، كان ضدّ ذلك ظن سوء؛ لأنّ خبره لا يقع بخلاف مخبره؟ قيل: عن هذا جوابان:

[أحدهما] ٤: أنّ هؤلاء٥ يلزمهم تجويز إخلاف الوعد عليه؛ لأنّ هذا من باب الأفعال المقدورة، وهم يجوّزون كلّ مقدور، وإذا قيل: إخلاف الوعد قبيح، فهم ليس عندهم شيء قبيحٌ يُنزّهون الرب عنه.


١ ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين.
٢ سورة الفتح، الآية ٦.
٣ المقصود بهم الأشاعرة.
وانظر: بيان تلبيس الجهمية ١١٦٢. وشرح الأصفهانية ٢٦١٦-٦٢٤. وانظر أيضاً: الإرشاد للجويني ص ٣١٩، ٣٢٢. والمواقف للإيجي ص ٣٢٣، ٣٢٨، ٣٣٠، ٣٣١.
٤ في ((خ)) : إحداهما. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٥ وهم من ينفي الحكمة؛ من الأشاعرة، والجبرية، والفلاسفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>