للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجبرة المثبتة للقدر متّبعون لجهم١، والقدرية النفاة مناقضون لهم٢، كما قد بُسط الكلام على ذلك في غير موضع٣.

العقلاء يستدلون بصفات الرب على ما يفعله

وما زال العقلاء يستدلّون بما علموه من صفات الرب على ما يفعله؛ [كقول] ٤ خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لها: "لقد خشيت على نفسي"، فقالت: "كلاّ، والله لا يخزيك الله أبداً، إنّك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُقري الضيف، وتصدق الحديث، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق"٥.

فاستدلّت بما فيه من مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال على أنّ الله لا يخزيه.

ومنه: قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} ٦؛ فإنّ الشيطان إنما ينزل على ما يناسبه، ويطلبه، وهو يريد


١ وهم الأشاعرة.
٢ وهم المعتزلة.
٣ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "والجهمي الجبري لا يثبت عدلاً ولا حكمة، ولا توحيد إلهيته، بل توحيد ربوبيته. والمعتزلي لا يثبت توحيد إلهيته، ولا عدلاً، ولا عزة، ولا حكمة، وإن قال إنه يثبت حكمة ما معناها يعود إلى غيره. فتلك لا تكون حكمة. فمن فعل لا لأمر يرجع إليه، بل لغيره، فهذا عند العقلاء قاطبة ليس بحكيم..". مجموع الفتاوى ٨٢١١. وانظر: المصدر نفسه ٨٣٥-٥٧، ٨٩-٩٣، ٣٧٧-٣٧٨، ١٧٩٩-١٠٠.
٤ في ((ط)) : كقوله.
٥ سبق تخريجه ص ٢٣٣.
وانظر تعليق المؤلف رحمه الله على هذا الحديث في: شرح الأصفهانية ٢٤٧٩-٤٨٦. والجواب الصحيح ٦٥١١-٥١٢. وكتاب الصفدية ١٢٢٥.
٦ سورة الشعراء، الآيتان ٢٢١-٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>